ما إن سمعنا بكارثة السفينة الجانحة في قناة السويس، حتى بدأ الكلام عن شح المواد وارتفاع الأسعار.
الكلام يكثر ويكثر، ويتداول على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.. ارتفاع أسعار.. الأسعار يمكن أن ترتفع.. ويتطوع البعض في نشر شائعات أن أسعار اللحوم ارتفعت.. وأسعار المادة الفلانية ارتفعت.
لا شك أن تلك الشائعات والأخبار تقوم على أساس، وهو أن القناة تعطلت، وأن مئات السفن التي تقل آلاف الأطنان من البضائع قد توقفت، لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن نستبق الأحداث، وأن “نفاول” على أنفسنا، وأن نبدأ بتداول وتناقل الإشاعات غير الصحيحة.
في الواقع فإن تداول هذه الأخبار يساعد بشكل كبير في رفع الأسعار، حتى وإن لم يكن هناك مبرر لرفعها، فكما نعلم فإن معظم مستورداتنا هي من الصين، وكل السفن التي تحمل البضائع القادمة من آسيا ومن الشرق تصل إلى العقبة دون المرور بقناة السويس.
للأسف فطريقة تناقل تلك الأخبار تساعد الجهات الراغبة في رفع الأسعار، وتسهل عليها اتخاذ ذلك القرار، فالناس تتوقع ذلك، وعندما ترتفع الأسعار سيصرخ كل واحد فينا: مش قلتلكم.. كلامي طلع صح! يقولها فرحا وليس غضبا.
ذات الطريقة ننتهجها في كل أزمة، فنحن نتوقع الأسوأ، ونبدأ بنشر تلك التوقعات والشائعات التي تدعم توقعاتنا المبنية على وهم في أحيان كثيرة، ثم نجلس ننتظر ما نتوقعه.
صاحب المصلحة أو صانع القرار يسهل عليه اتخاذ قرار يتوقعه الناس، لكنه يجد صعوبة في اتخاذ قرار مفاجئ لا يتوقعه الناس.
عندما نتداول الأخبار والشائعات بهذه الطريقة الساذجة، ودون معالجة، وحتى دون تحذير القائمين من مغبة اتخاذ قرار صادم، فإننا نكون قد ساهمنا باتخاذه.