يصر الموقف الاردني الرسمي على حل الدولتين كحل للموضوع الفلسطيني , والفلسطينيون أعلنوا أيضا موافقتهم على هذا الحل , وكذلك الموقف الاوروبي , وان كان مفهوم وتفاصيل الدولتين ليسا محددين تماما من قبل كل هذه الاطراف , حتى أن حركات المقاومة وافقت على حل الدولتين كحل مرحلي دون الاعتراف بالكيان الصهيوني , ودون تفريط بحق العودة والسيادة , والى وقت قريب كان حل الدولتين مقبول أمريكيا , ولكن مع مجيء ترامب تحول الموقف الامريكي الى طروحات صفقة القرن التي تنسف حل الدولتين من أساسه , ثم توقف كل شيء مع استحقاقات كورونا والانتخابات الامريكية , واندفاع بعض الدول الى مربع التطبيع مع العدو الصهيوني , ولا يزال الجميع ينتظرون ما تأتي به الايام , والايام كما نعلم لا تأتي بشيء لم نصنع نحن مقدماته , أو نخطط له ونبذل الجهد بشأنه.
حل الدولتين الذي تقبل به السلطة , لا يقبل به الصهاينة , أما حل الدولتين الذي تقبل به المقاومة , لا تقبل به دولة العدو , ولا حتى السلطة الفلسطينية والعرب لا يطالبون به , لأنه في نظرهم مطلب بعيد , مع أنه يعتبر في نظر المتمسكين بحقهم الكامل في فلسطين نوع من التفريط ,أما الاوروبيون , فهم يقبلون بحل دولتين قابل للتفاوض والنقاش ولو كان دون مطلب السلطة الفلسطينية .
حل الدولتين أشبه ما يكون بالشماعة التي نعلق عليها عجزنا جميعا , فدولة الكيان الصهيوني لن تعطينا دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود 1976 وحسب القرارات الدولية , لأنهم يعتقدون أن مثل هذه الدولة تهدد أمنهم الاستراتيجي , ولا يضمن تحول هذه الدولة مستقبلا الى تهديد حقيقي لهم , هذا عدا عن تنكرهم لحق عودة اللاجئين الذي هو الاساس لأي حل يمكن قبوله فلسطينيا , ولذلك , فبدلا من إضاعة الوقت والتمسك بالوهم المسمى (حل الدولتين) فبإمكان الموقف العربي والاردني تحديدا أن يتحول الى جهد عملي في مواجهة الموقف الصهيوني , يجعلنا أقرب الى الحقوق والواقعية , وهو دعم المصالحة وتبنيها , ودعم التمسك بكل الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة الذي يتجاهله الجميع عند الحديث عن حلول نهائية , والوقوف الى جانب الفلسطينيين في توجهاتهم الاخيرة لتبني المقاومة الشعبية بكل أشكالها وصورها , ولدينا موقف أوروبي يمكن تطويره الى جانبنا , ولدينا شعب فلسطيني يمكن التعويل عليه في رفع سقف موقفنا السياسي , ولدينا حقوق شرعية لا يمكن لأحد أن ينكرها , بقي أن نتوقف نحن عن الوقوف في مربع المتردد والمنتظر لرؤية الصهاينة وأمريكا التي تدعمهم , ولدينا من وسائل الضغط ومحاور الدعم ما يعزز هذا الموقف وينعكس ايجابا على مجمل المشهد في مواجهة مخططات الصهاينة الهادفة لضم ما تبقى من الارض , ونقل الازمة الى الاردن في مشروع الوطن البديل ووصفة الخراب التي ينتهجها الصهاينة في كل المحيط العربي الذي كان يشكل الحاضنة والحماية للحقوق الفلسطينية .
حل الدولتين ليس حلا , والتمسك به واعتباره الحل الوحيد لا يشير الى الجدية وبعد النظر , بل هو شماعة للعجز والانتظار بدون طائل لصالح المشروع الصهيوني الذي يتقدم على الارض , ويخلق وقائع جديدة في كل يوم تشغلنا عن وقائع سبقتها , وتتركنا في دائرة العجز والضعف ,بينما نحن قادرون على الامساك بزمام الامور وتوجيهها لصالحنا لو وجدت الارادة الحقيقية والادارة الحكيمة لهذا الصراع الذي نعتقد أنه سينتهي لصالحنا , طال الزمان أو قصر