رفض مجلس النواب أمس رفع الحصانة عن عضوين من أعضائه.
الحصانة هي من أهم المميزات التي يتمتع بها النائب، وهي لم تأت عبثًا، بل وجدت حصرًا لمساعدة النائب في تأدية عمله الرقابي على أكمل وجه، حيث لا يجوز للنائب أن يتعذر بأي عذر للتراخي، أو التخلي عن دوره الرقابي والتشريعي.
ومن هنا كانت الحصانة لازمة لعمل النائب تمنحه القوة والشرعية لمواجهة أي فساد ومن أي شخص أو جهة داخل الدولة، كما تعمل على تقليص قدرة أي جهة على تهديده للتخلي عن عمله الرقابي.
والحصانة أمر معروف ومتداول في كل الأنظمة السياسية في العالم، غير أنها في بعض الأنظمة القمعية حصانة على الورق فقط؛ ذلك أن تلك الأنظمة استولت على النظام العام كله في البلد بما فيه السلطة التشريعية ذاتها المفروض بها مراقبة عمل تلك الأنظمة.
ولأن ميزة الحصانة ميزة مهمة، وتتيح للنائب ممارسة عمله الرقابي بكل حرية، فقد دأبت أنظمة كثيرة على التحكم بمدخلات المجالس التشريعية حتى لا تضطر لاحقًا لدخول معارك مع نواب يمتلكون حصانة تؤهلهم الكشف عن المستور أو فضح فساد الطبقة الحاكمة والأجهزة التنفيذية في الدولة.
غير أنه في ذات الوقت لا يجوز للنائب استغلال تلك الحصانة لغايات غير الغاية التي شرعت من أجلها، لذلك وجدت آليات لرفع تلك الحصانة عند الحاجة وفق ضوابط صارمة، حتى لا تستغل تلك الآليات أيضًا لإضعاف مبدأ الحصانة ذاته وجعله حبرًا على ورق.
حسن فعل مجلس النواب برفضه رفع الحصانة عن النائبين، ذلك أن المبررات التي سيقت لرفعها واهية، وتمس بصميم عمل النائب.