حدود المرونة الروسية تجاه “إسرائيل” في سوريا

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : صالح النعامي

يقوم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بزيارة لإسرائيل الأربعاء القادم، للتباحث مع قادة الحكومة الجديدة، حول سبل مواجهة السياسات الإيرانية في سوريا والمنطقة، مما يعني أن كلا من وواشنطن وتل أبيب قد تتجهان إلى إحداث تحول على آليات العمل التي تعكفان عليها حتى الآن لمواجهة وجود طهران في المنطقة وتحديدا في سوريا.

ويأتي الحراك الأمريكي الإسرائيلي في أعقاب الإحباط السائد في كل من تل أبيب وواشنطن من نتائج الإستراتيجية الهجومية التي تنتهجها إسرائيل ضد الوجود الإيران في سوريا منذ ثلاث سنوات.

فبخلاف التسريبات التي تنسب لـ “مصدر عسكري إسرائيل كبير”، يرجح أنه وزير الحرب نفتالي بنات، والتي تحاول تكريس انطباع مفاده أن  الهجمات التي تشنها إسرائيل في العمق السوري، والتي كان آخرها الغارة التي استهدفت “مركز الأبحاث العلمية” في حلب قد آتت أكلها، وأن إيران بدأت بالفعل الانسحاب من سوريا؛ فإن قناة 12 الإسرائيلية قد نقلت عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين وعن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السفير جيم جيفري قولهم إنه لم يحدث أي تحول على توجهات طهران للبقاء في سوريا وعزمها على مواصلة توظيفها كمحطة لنقل السلاح النوعي إلى حزب الله.

ومما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لإسرائيل تحديدا، حقيقة أن الهجمات داخل سوريا باتت تحمل في طياتها طاقة كامنة لانفجار مواجهة شاملة. فقد دق إقدام حزب الله على إحداث ثغرات في الجدار الحدودي مع إسرائيل ردا على قيام إسرائيل بقصف سيارة تقل عدد من قادته الميدانيين داخل سوريا، على الرغم من الجيش الإسرائيلي حرص على إنذار هؤلاء القيادات لكي يغادروا السيارة قبل تدميرها، ناقوس الخطر في تل أبيب.

وبسبب المخاوف من انفجار مواجهة مع حزب الله بسبب الهجمات داخل سوريا، فإن رون بن يشاي، المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت نوه أمس إلى أن إسرائيل، التي لا تتردد في أن تسفر غاراتها عن قتل جنود سوريين، تحرص في المقابل، على ألا تؤدي هذه الغارات إلى مقتل عناصر من حزب الله، خشية قيام الحزب بالرد على ذلك، وهو ما يكرس معادلة ردع متبادل.

ومن الواضح أن الدور الأمريكي في إسناد إسرائيل في مواجهة إيران لم يسهم حتى الآن في إحداث تحول على صعيد موازين القوى داخل سوريا؛ حيث أشارت يديعوت أحرنوت إلى أن واشنطن تساعد إسرائيل في مواجهة التمركز الإيراني في سوريا وتسهم في الجهود الهادفة إلى إحباط مشروع الصواريخ الدقيقة الذي يعكف عليه حزب الله.

من هنا، فإن هناك ما يؤشر على أن كلا من واشنطن وتل أبيب تحاولان إحداث تحول على إستراتيجية مواجهة إيران في سوريا والتصدي لحزب الله، وذلك بمحاولة  دفع روسيا للعب دور أكبر في هذا المخطط.

وهذا ما يفسره إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاتصال بالرئيس الروسي فلادمير بوتين والتباحث معه حول الوضع في سوريا عشية وصول بومبيو للمنطقة.

وما يغري تل أبيب تحديدا بالرهان على إمكانية تجنيد موسكو لإحداث تحول على الواقع في سوريا حقيقة أنها تنطلق من افتراض أن هناك تباينا في المصالح بين روسيا وطهران، على اعتبار أن موسكو ترى أن الوجود الإيراني بعد أن تم حسم المواجهة لصالح النظام، سيمثل مسوغا لإعاقة البدء في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا التي تراهن عليها في تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة؛ علاوة على أن روسيا معنية أن تكون إيران خارج سوريا عند بدء تنفيذ هذه المشاريع، حتى لا تنافسها فيها.

صمت موسكو عن الغارات الإسرائيلية التي تستهدف الوجود الإيراني في سوريا، يمثل، بالنسبة لتل أبيب، دليلا  آخرا على تناقض المصالح الروسية الإيرانية.

ليس هذا فحسب، فقد ساد في إسرائيل مؤخرا تفاؤل بشأن حدوث تحول على موقف موسكو من نظام الأسد الذي يوفر الشرعية السياسية للوجود الإيراني في سوريا بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته وسائل إعلام روسية ضد النظام واتهامه بالفساد وعدم تمثيله للشعب السوري.

وهناك في إسرائيل من رأى أن سماح بوتين بهذا الهجوم على الأسد إنما يمثل رسالة للغرب مفادها بأنه مستعد للتضحية به.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل رهان إسرائيل والولايات المتحدة على إمكانية أن يتخلص بوتين من الأسد حتى تتكرس بيئة سياسية داخل سوريا تسمح بطرد إيران وحزب الله، رهان واقعي؟

هذا السؤال تصدت للإجابة عليه كنسيا سبطلوفا، العضو السابق في الكنيست والباحثة في “مركز دراسة سياسات إسرائيل الإقليمية والخارجية”(ميتيفيم) في مقال نشرته “يديعوت أحرنوت”؛ حيث أشارت إلى أن بوتين لا يمكن أن يتخلص من الأسد لأن الأخير أثبت أنه لا يتردد في التخلص من أي شخص داخل النظام يمكن أن يهدد مكانه؛ ناهيك عن أنه لا يمكن لأي شخص خارج النظام أن يحل مكانه لأن الأجهزة الأمنية ذات التأثير الكبير لن تتعاون معه. 

وحسب سبطلوفا، فإن مطالبة الأسد بقطع علاقته مع إيران غير واقعي، لأنها مزود السلاح الرئيس للنظام، ناهيك عن تقديم الوقود للنظام، فضلا عن أنها توفر، عبر المليشيات الشيعية، قوات المشاة التي تساعد النظام على الاحتفاظ بالمناطق التي استعادها.

من هنا، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن إمكانية توصل واشنطن وتل أبيب وموسكو لصفقة بشأن سوريا، مع العلم أن التباين في المصالح الأمريكية والروسية في المنطقة يمثل عاملا آخر يقلص فرص التوصل لمثل هذه الصفقة.

اكتب تعليقك على المقال :