تتعرض اليوم جماعة الإخوان المسلمين لحملة تشويه غير مسبوقة، ولا يستفيد من هذه الحملات المشبوهة إلا أعداء الأمة.
لأنها الجماعة الوحيدة التي نادت بالإسلام ديناً ودولة، وحياة وجهاد، وعبادة ومعاملات، ولم تكتف بالقول، بل سعت في جميع الميادين، وبجميع الوسائل المتاحة والمشروعة.
على حين أن أعداء الإسلام، ووكلاءهم من بنى جلدتنا يريدونه حبيس المساجد، عديم التأثير والفاعلية.
وإلا فماذا يعني أن ترضى دولة الكيان الصهيوني عن بيان هيئة كبار العلماء السعودية؟ وتصرح بقولها: “يسعدنا نحن في إسرائيل، أن نرى هذا المنهج المناهض لاستغلال الدين للتحريض والفتنة”. وأضافت: “لا شك أن جميع الديانات السماوية جاءت لزرع المحبة والألفة بين الناس”. “نحن بأمسّ الحاجة إلى خطاب يدعو للتسامح والتعاون المتبادل للنهوض بالمنطقة برمتها”.
ألم يقل المولى عز وجل في كتابه العزيز” وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير”ٍ (120)
لذا لم نفاجأ بترحيب الصهاينة، بفتوى هيئة كبار علماء السعودية، لأن هذا أمر منطقى، لأن الصهاينة يرحبون بكل ما يصدر عن إخوانهم في الليكود العربى.
فكيف لا يرحبون بفتاوى سحرة آل سلول، الذين سكتوا عن اعتقال العلماء وقتل الأطفال في اليمن، ولم يدافعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبرر للحاكم كل أفعاله الشاذة، بزعم طاعة ولى الأمر. وخصصوا منابر المساجد التى لم تُستخدم للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا للذّود عن الإسلام والمسلمين، في بورما وفى تركستان وكشمير وإفريقيا الوسطى.
ولكنهم خصصوا خُطب الجمعة للتحذير من خطر “الإخوان المسلمين”!!
فقد ناشد” عبداللطيف آل الشيخ ” أئمة الخطباء بضرورة قراءة بيان هيئة كبار العلماء على المنابر قائلاً: “إخواني أصحاب الفضيلة الأئمة والخطباء في جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة، آمل منكم جميعا يوم غد في خطبة الجمعة قراءة البيان الصادر من هيئة كبار العلماء الموقرة بشأن التحذير من جماعة الاخوان المسلمين الإرهابية وحزبهم”. “حذروا من هذه الجماعة المخالفة للكتاب والسنة وبينوا مخالفاتهم الشرعية”.
فبالرغم من أن المساجد في المملكة لا يعمرها إلا الهنود والباكستانيون وغيرهم من العاملين في هذه البلاد. حتى قالوا على سبيل الدعابة، إن الملك دعا يوماً لصلاة الاستسقاء، فسقط المطر في الهند وباكستان!
ولا بد أن نعلم أن رعب الصهاينة من الإخوان ليس وليد اليوم، كما رأينا ترحيبهم بشيطنة الإخوان، لأن عقلية التخويف، وشيطنة الاخوان، بدأت في الحقيقة بعد حرب فلسطين عام 1948م، فقد صرح “موشي ديان” بعد حرب 1948، وهزيمة الجيوش العربية مجتمعة:
“إن إسرائيل لا تخشى الجيوش العربية مجتمعة ولكنها تخشى تلك الكتيبة التي ترفع صوتها بالتكبير وتسمي نفسها الإخوان المسلمين!”.
وتحت عنوان (اعرف عدوك) نشرت مجلة حائطية يصدرها الطلاب اليهود المتدينون في الجامعة العبرية في عددها الصادر في شهر حزيران 1970م، صورة للشيخ حسن البنا، رحمه الله، وكتبوا تحت الصورة تعليقاً قالت فيه: إن صاحب الصورة كان من أشد أعداء إسرائيل، لدرجة أنه أرسل أتباعه عام 1948م، من مصر ومن بعض البلدان العربية لمحاربتنا، وكان دخولهم الحرب مزعجاً لإسرائيل لدرجة مخيفة، ولولا أن أصدقاء إسرائيل في مصر تكفلوا آنذاك بكبح جماح أتباع حسن البنا وتخليص إسرائيل منهم، لكان وضع اليهود الآن غير هذا الوضع.
إن أتباع البنا “هم الذين يعارضون بشدة مجرد التفكير بالصلح مع اليهود، ويتشددون في مطالبتهم بضرورة القضاء علي إسرائيل قضاء مبرماً، ويعلنون موقفهم هذا بصراحة حتى في القاهرة نفسها”.
وإذا كانت الحرب، ضد الإخوان، تتم في مصر تحت زعم تجديد الخطاب الدينى، ومن خلاله يتم الطعن في ثوابت الدين، وفي صحيحى البخارى ومسلم، ورموز الإسلام، كذلك الحال في السعودية، فإن الحرب ضد الإخوان تتم تحت شعار محاربة الإسلام السياسى.
وإن كانت عبارة الإسلام السياسى دخيلة على مجتمعنا الإسلامي، بلا ريب، ويعنون به الإسلام الذي يُعنى بشئون الأمة الإسلامية وعلاقاتها في الداخل والخارج، والعمل على تحريرها من كل سلطان أجنبي يتحكَّم في رقابها، ويُوجِّه أمورها المادية والأدبية كما يريد، ثم العمل كذلك على تحريرها من رواسب الاستعمار الغربي الثقافية والاجتماعية والتشريعية؛ لتعود من جديد إلى تحكيم شرع الله تعالى في مختلف جوانب حياتها.
ولم يكتف مفتى آل سلول بشيطنة جماعة الإخوان المسلمين، ووصمها بالإرهاب، بل اعتبرها خارجة عن الملة قائلاً إن: جماعة الإخوان لا تمت للإسلام بصلة، وهي ضالة تستبيح الدماء وتنتهك الأعراض وتنهب الأموال.
وعندما سئل الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: “اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم”.
وقد كتبَ إسحاق بن راهويه لأبي زُرعة -رحمهما الله- قائلا له ” لا يهولنَّكَ الباطِل؛ فإنَ للباطل جولة، ثُم يتلاشى”. وصدق ربنا عز وجل إذ يقول: “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا” (الإسراء: 81 ).