صمود أهل غزة أمام أقوى جيش في العالم، مزوَّد بأحدث أسلحة الفتك والقتل وسفك الدماء؛ فالجيش الصهيوني ما هو إلا الجيش الأمريكي، والأسلحة الصهيونية هي أسلحة أمريكية؛ لذا فمن المغالطة أن يقول البعض: إن الجيش الصهيوني أقوى رابع جيش في العالم، وبرغم هذا كله، فإن الجيش الصهيوني لا يستطيع إلا أن يقتل الأطفال، والنساء، والشيوخ؛ من أجل العجز، والفشل، والخيبة.
لكن من أين يأتي أهل غزة بهذه القوة الخارقة؟! من أين تأتيهم هذه القدرة على الصمود والشجاعة؟! كيف يُذِلُّ أبطال المقاومة الجيشَ الصهيوني، برغم قتل الصهاينة عشرات الأطفال، والنساء، والشيوخ، كل يوم تشرق فيه الشمس؟
يقول الحق – سبحانه وتعالى -:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9].
لعلنا جميعًا نشاهد كلَّ يوم الاستغاثات التي تطلقها النساء عبر الفضائيات: يا الله، يا رب! وكذا ما يقوله أي طفل فقد عائلتَه كلها: “لم يبقَ لي سوى الله”، فكان لزمًا على الله أن يلبي نداء من يستغيث به.
وعن سرِّ هذا الثبات العجيب، يقول الحق – سبحانه وتعالى -: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12].
وهذه الآية الكريمة هي التي توضح لنا رعب الصهاينة القتلة، وعجزهم عن مواصلة القتال البرِّيِّ، وأيضًا تمكُّن الأبطال في غزة من رقاب القتلة الصهاينة، وإشارة الحق – سبحانه وتعالى – إلى ضرورة ضرب بنان القتلة؛ لتعجيزهم عن حمل السلاح الذي يقتلون به الأطفال، والنساء، والشيوخ.
لماذا تختار المقاومة الاستشهاد في سبيل الله ؟ لماذا يصمد أبطال المقاومة ؟ ولماذا يستبسل الأشقاء في غزة للدفاع عن بلدهم؟
يقول الحق – سبحانه وتعالى -:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16].
تحذير شديد من رب العالمين إلى المجاهدين في كل مكان وزمان، ومنذ غزوة بدر الكبرى؛ {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}: لا تهربوا، اصمدوا ورابطوا، من يعصِ هذه الأوامر، فسيَبُوء بغضب من الله، ونعوذ بالله من غضب الله، واستثنى الحق – سبحانه وتعالى – المتحرِّفَ لقتال؛ أي: الذي يفِرُّ بوجهه كيدًا للأعداء؛ ليوقع بهم، أو المتحيِّز إلى فئة من المؤمنين؛ لينصرها، ما عدا ذلك، فإن غضب الله سيحلُّ على مَن يوَلِّي الأدبار، ومأواه جهنم، وبئس المصير.
الصواريخ العبثية، كيف تذل كيان الصهاينة، وتلقي في قلوب الصهاينة الرعب؟ من السذاجة أن نعتقد أن تلك الصواريخ البسيطة – التي يسميها المرجفون في فلسطين “صواريخ عبثية” – وفعاليتها في رعب الصهاينة، التي تصل إلى المدن العربية، التي يحتلها الكيان الصهيوني، من السذاجة الاعتقاد بأنها تؤتي أُكُلَها نتيجةَ خبرة ومهارة أبطال المقاومة، ولكنها تؤتي أكلها نتيجة المدد الإلهي؛{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17].
لكن من المسئول عن تبديد الإرهاب الصهيوني وتعجيزه أمام المقاومة؟
{ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 18].
كيف ترى المقاومة الجيش الصهيوني ؟
يجلس خبراء الحروب يتحدثون عن قدرات الجيش الصهيوني وقوَّته، لكنهم لا يفسرون لنا سبب فشل الصهاينة أمام المقاومة؛ {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الأنفال: 43، 44].