قدمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بهدف اطلاعها على أبرز الانتهاكات التي مارسها النظام السوري ضد الحقوق المدنية والسياسية، والتي وصلت إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وقالت الشبكة في تقريرها الذي تلقى “العربي الجديد”” نسخة منه إن قوات النظـام السـوري تمارس عمليات القتل خـارج نطـاق القانـون عبـر عدة أشكال، وهي التعذيب المؤدي للمـوت، وأحكام الإعدام عبـر محاكم تفتقر إلـى القانونيـة والشـرعية، والقصـف العشـوائي أو المتعمـد علـى الأحيـاء السـكنية.
وأضاف تقرير الشبكة أن حصيلــة الضحايــا المدنييــن الذيــن قتلهم النظــام الســوري منذ أغسطس/ آب 2016 بلغت13,278 مواطنـاً سـورياً مدنيـاً بينهـم 2,773 طفـلاً، أي مــا يعــادل نحو 21% مــن نســبة الضحايا و1,445 ســيدة، أي مــا يعــادل 11% مــن نســبة الضحايا.
كمــا أشار التقرير إلــى أنه تــم توثيــق 52 هجوماً كيميائياً منـذ أغسطس/ آب 2016 حتى الشهر الحالي، كما تحـدث التقريـر عـن سياسـة الحصـار والتجويع ومنع إدخال المساعدات الإنســانية، وســجل مقتــل 109 مدنيــين، بينهــم 33 طفلاً و19 ســيدة بســبب ذلــك.
وبشأن الاعتقال غير المشروع والاختفاء القسري، أكــد التقريــر اســتمرار قــوات النظــام الســوري فــي اعتقــال المواطنيــن علــى خلفيــة انتمائهــم السياســي، مشيراً إلى أن عمليــة الاعتقــال هــي أقــرب مــا تكـون إلـى الخطـف وتنتهـك كمـاً واسـعاً مـن الحقـوق الأساسية، وتتـم غالبـاً مـن قبـل قـوات الأمـن، دون إبـراز هويتهـم أو التعريـف بأنفسـهم، أو مـاهـية التهمة الموجهة للمعتقل.تقارير دولية
ووثـق التقريـر مـا لا يقـل عـن 18,642 شـخصاً بينهـم 184 طفلاً و207 سـيدات لا يزالـون قيــد الاعتقال التعسفي منــذ أغسطس/ آب 2016 حتــى الشهر الحالي، بما فيهم 16,921 شخصاً مختفين قسرياً، بينهــم 156 طفـلاً و186 ســيدة.
وبشأن مراسيم العفو التي يصدرها رأس النظام بين الفينة والأخرى، أكد التقرير أنها مخادعة وعديمة الفاعلية، مشيراً إلى أن مجمل هذه المراسيم التي بلغ عددها حتى الآن 17 مرسوماً، متشــابهة وتستثني المعتقليـن السياسيين الذيـن لـم يخضعـوا لأية محاكمـة علـى مـدى سـنوات مــنذ اعتقالهــم، وتحولــوا إلــى مختفيــن قســرياً.
وتحــدث التقريــر عــن صدمــة العديــد مــن أســر المختفيــن قسرياً فــي مراكــز الاحتجــاز التابعـة للنظــام الســوري منــذ مطلــع 2018 بوجــود اســم قريــب لهــا مختــفٍ قسـرياً علـى أنـه متوفـ ومسـجل ضمـن واقعـات الوفـاة فـي دوائـر السـجل المدنـي مــن دون علــم الأسرة.
وأشــار التقريــر إلــى أنــه مــن ضمــن قرابــة 85 ألــف حالــة اختفــاء قســري لــدى النظام السوري، “تمكنــا منــذ مطلــع عــام 2018 حتى الآن مــن توثيـق 991 حالــة كشــف النظام الســوري عــن مصيرهــم بأنهــم قــد ماتــوا جميعــاً، مــن بينهــم تســع حالات كانوا أطفــالاً لـدى اعتقالهــم وســيدتان اثنتــان”.
وأكد التقرير أن التعذيب فـي مراكـز الاحتجاز التابعـة لقـوات النظـام السـوري يُمـارس كأداة انتقـام مــن المعتقلين المعارضيـن للنظــام الســوري ومــن سائر المعتقلين الذين اعتقلوا لأسباب مختلفة.
وطبقاً للتقرير، فإن التعذيب غالباً ما يبدأ منذ اللحظة الأولى للاعتقال ويتصاعد أثنـاء التحقيـق وطـوال مـدة اعتقـال المعتقـل كعقوبـة لـه، ويتزامـن مـع إهمـال صحي متعمد وتجويع، وظـروف احتجاز غيـر صحية، ســواء فــي مقرات الفروع الأمنية الرئيســة والســجون العســكرية، أم في السجون المدنية المركزية، وهو ما أدى إلـى ارتفـاع حصيلـة الضحايـا.
وبحســب التقريـر، فإن ظــروف الاحتجاز الوحشــية هــي تكتيـك متبــع مــن قبــل النظام السوري علــى نحــو مقصــود وواســع، وتهــدف إلــى تعذيــب المعتقليــن وجعلهـم يصابـون بشتى أنـواع الأمراض، ثـم يهمـل علاجهم بعدهـا علـى نحـو مقصـود ليتألـم المعتقل ويتعــذب إلــى أن يمــوت.تقارير عربية
ويوضح التقرير أنه مــع انتشــار جائحــة كورونا، يــزداد الوضع خطـورة، خاصة فـي ظـل ظـروف الاعتقال المواتية لانتشار الفيروس، الأمر الذي يهــدد حيــاة قرابــة 130 ألف شخص لا يزالون قيــد الاعتقال والاختفاء القسري لــدى قــوات النظــام الســوري. وأشار التقرير إلى أن عمليــات التعذيــب طاولــت كل المعتقليــن بمــن فيهــم النســاء والاطفـال والكهـول والمرضـى وذوو الاحتياجات الخاصـة.
التقرير الحقوقي: عمليــات التعذيــب طاولــت كل المعتقليــن بمــن فيهــم النســاء والاطفـال والكهـول والمرضـى وذوي الاحتياجات الخاصـة
وتحــدث التقريــر عــن ممارســة العنــف الجنســي علــى نحــو واســع وممنهــج فــي مراكــز الاحتجاز، وقد طــاول الذكــور والإناث معــاً، وفــي حـالات كثيــرة وصــل إلى حــد الاغتصاب، كما مــورس فــي أثنــاء المداهمــات للمنــازل وعمليــات الاقتحام للمناطــق الخارجــة عــن ســيطرة النظــام الســوري.
وأورد التقريــر توثيــق الشــبكة الســورية لحقــوق الإنســان لإجبـار قـوات النظـام السـوري مـا لا يقـل عـن 11 معتقلـة بينهـن فتيـات دون سـن 18 عاما علـى الظهـور علـى شاشـات التلفزيـون الرسـمي للإدلاء باعترافات تفيد بممارسـتهن الجنـس مـع فصائـل المعارضـة، وقـد تحولـن جميعهـن إلـى مختفيـات قسـرياً عقـب ظهورهـن.
كمـا تشـير تقديـرات الشـبكة إلـى ارتـكاب قـوات النظــام الســوري مــا لا يقــل عــن 231 حادثــة عنــف جنســي، بينهــا قرابــة 203 حوادث حصلــت داخــل مراكــز الاحتجاز، ومــا لا يقــل عــن 43 حالــة عنــف جنســي لفتيــات دون ســن الــ 18، منــذ أغسطس/ آب 2016.
وأكد التقرير أن النظام السوري لم يقدم أي تقرير للجنة حقوق الإنسان منذ عام 2004، وهو بالتالي مستمر في إهماله واحتقاره لحقوق الإنسان ومبادئ “العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية”. وطالبت الشبكة اللجنة أن توضح ذلك للجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن تقريرها السنوي.