أشار المسح الوطني لعمل الأطفال لعام 2016 والصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل الأردنية ودائرة الإحصاءات العامة، الى أن عدد الأطفال في الأردن ذكوراً وإناثاً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5-17 عاماً والذين يعملون بلغ 75982 طفلاُ منهم 8868 طفلة وبنسبة 11.7%.
وصادف يوم الجمعة الماضي 12/6/2020 اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، والذي أطلقته منظمة العمل الدولية عام (2002) لتحديد مدى إنتشار هذه الظاهرة على مستوى العالم، ولضرورة إتخاذ الإجراءات على الحكومية وغير الحكومية للحد منها. ويأتي إحتفال هذا العام في ظل جائحة كورونا التي زادت من فقر الأسر وشكلت ضغوطات إضافية عليها قد ترغم العديد منها الى الدفع بأطفالها الى سوق العمل.
ونوهت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن إحتفال هذا العام يأتي تحت شعار “جائحة كورونا: حماية الأطفال من عمالة الأطفال الآن أكثر من أي وقت مضى”، وأكدت الأمم المتحدة على أن :” جائحة كورونا سببت صدمة اقتصادية واختلالات في سوق العمل أثرا بشكل كبير على الناس ومعيشتهم، وغالباً ما يكون الأطفال من أوائل الذين يعانون من ذلك. فمن المؤكد أن تدفع الأزمة الملايين من الأطفال المستضعفين الى سوق العمل، حيث يوجد بالفعل نحو 152 مليون طفل وطفلة في سوق العمل، 72 مليون منهم يمارسون أعمالاً خطرة حيث يواجهون ظروفاً أكثر صعوبة ويعملون لساعات أطول”.
وقدرت دراسة صدرت بهذه المناسبة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونيسف حملت عنوان “كوفيد-19 وعمل الأطفال:وقت الأزمة…وقت العمل”، نشرتها جمعية “تضامن”، بأن الإنجاز الذي أدى الى تناقص عدد الأطفال العاملين بنحو 94 مليون طفل منذ عام 2000 أصبح في مهب الريح وتحت خطر زيادة أعداد الأطفال العاملين بسبب جائحة كورونا، ويقدر ارتفاع عمل الأطفال في بعض الدول بنسبة 0.7%، خاصة مع إزدياد نسب الفقر وإنقطاع حوالي مليار طفل عن الدراسة بسبب الإغلاق المؤقت، وقد يعمل مزيد من الأطفال في أعمال خطرة وبتعرضون للإستغلال.
وإقترحت الدراسة عدداً من التدابير لمواجهة هذه الأخطار من بينها توفير حماية اجتماعية أكثر شمولاً وتسهيل حصول الأسر الفقيرة على قروض ميسرة، وتعزيز العمل اللائق للبالغين، وضمان عودة الأطفال الى مقاعد الدراسة وتسهيل هذه العودة بإلغاء الرسوم المدرسية.
وأشارت “تضامن” الى وجود فئات ثلاث من عمل الأطفال الذي يحظره القانون الدولي وفقاً لمنظمة العمل الدولية ، أولها أسوأ أشكال عمل الأطفال / الطفلات المطلقة التي عرفت دولياً بالإستعباد والإتجار بالبشر والعمل سداداً لدين وسائر أشكال العمل الجبري وتوظيف الأطفال / الطفلات جبراً لإستخدامهم / لإستخدامهن في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة. وثانيها العمل الذي يؤديه طفل / طفلة دون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات (كما حدده التشريع الوطني ووفقا للمعايير الدولية المعترف بها)، والعمل الذي من شأنه إعاقة تعليم الطفل / الطفلة ونموه / نموها التام ، وأخيراً وثالثها العمل الذي يهدد الصحة الجسدية والفكرية والمعنوية للطفل / للطفلة أكان بسبب طبيعته أو بسبب الظروف التي ينفذ فيها، أي ما يعرف بمصطلح ’’العمل الخطر‘‘.
وبحسب الجنسية، بلغ عدد الأطفال ذكوراً وإناثاً من الجنسية الأردنية 60787 طفلاً، ومن الجنسية السورية 11098 طفلاً ومن جنسيات أخرى 4096 طفلاً.
وأشار المسح الى أن 44917 طفلاً (منهم 2393 طفلة وبنسبة 26.9%) يعملون في أعمال خطرة وهو ما يشكل 59.1% من مجموع عمالة الأطفال.
وقد حدد المسح الفئات العمرية للطفلات اللاتي يعملن في أعمال خطرة، فهنالك 586 طفلة أعمارهن ما بين 5-11 عاماً، و 687 طفلة أعمارهن ما بين 12-14 عاماً، و 1120 طفلة أعمارهن ما بين 15-17 عاماً.
من جهة ثانية ذات علاقة مباشرة، أكد التقرير العالمي حول عمالة الأطفال لعام (2015) الى أن 11.5% من الشباب والشابات الأردنيين وأعمارهم ما بين 15-24 عاماً والذين عملوا وهم أطفال معرضين بأن يعملوا لدى عائلاتهم بدون أجر، مقابل 2.5% من الشباب والشابات الذين لم يعملوا في طفولتهم.
وأن 51.4% من الشباب والشابات من نفس الفئة العمرية والذين عملوا بطفولتهم، دخلهم يقع ضمن أدنى المستويات مقارنة مع 33.4% ممن لم يعملوا.
وحظر التقرير بأن ترك المدرسة يشكل خطراً متزايداً على الأطفال ذكوراً وإناثاً من حيث بقائهم خارج سوق العمل مستقبلاً، فحوالي 38% من الأطفال الأردنيين الذين تركوا المدرسة قبل سن 15 عاماً هم خارج سوق العمل و41% منهم يحتاجون لوقت طويل للحصول على الوظيفة الأولى مقابل 10% ممن تركوا الدراسة بعد عمر 18 عاماً و18% ممن يحتاجون لوقت طويل للحصول على الوظيفة الأولى.
كما أن 4.3% من الأطفال الأردنيين والذين أعمارهم ما بين 15-17 عاماً يعملون في أعمال خطرة، ويتوزعون على مجالات الصناعة والخدمات والزراعة.
“ودعت تضامن” الى تفعيل الإتفاقيات الدولية والقوانين المحلية للحد من عمالة الأطفال
وأوضحت “تضامن” أن الحد من عمالة الأطفال تتطلب إتخاذ إجراءات عملية فعالة للتخفيف من نقاط الضعف الإقتصادية بإستخدام أدوات الحماية الإجتماعية ، ومن خلال تفعيل الإتفاقيات الدولية ذات العلاقة والقوانين المحلية ، كإتفاقية الحد الأدنى لسن الإستخدام رقم (138) والتي صادق عليها الأردن عام (1997) ، وإتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم (182) والتي صادق عليها الأردن عام (2000) ، وإتفاقية العمل الجبري رقم (29) ، واتفاقية العمل العربية رقم (18) لعام (1966) بشأن عمل الأحداث ، كما أن قانون العمل الأردني رقم (8) لعام (1996) وتعديلاته يحظر تشغيل الأطفال والأحداث.
وأضافت “تضامن” بأن التقرير شدد على أهمية العديد من البرامج التي يمكن تطبيقها للحد من عمالة الأطفال، كبرامج التحويلات العينية والنقدية، وبرامج التوظيف في القطاع العام، والحماية الصحية الإجتماعية، والحماية الإجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتأمين الدخل في سن الشيخوخة والحماية من البطالة.
وأكدت “تضامن” على أن التمكين الإقتصادي للنساء وخاصة للنساء اللاتي يرأسن أسرهن، وزيادة إمتلاكهن للموارد وحصولهن على حقوقهن في الملكية والميراث، وخفض نسب البطالة وزيادة تشغيل النساء والفتيات، ومنع التمييز بين الجنسين في القوانين ذات العلاقة كالتمييز في الأجور عن الأعمال ذات القيمة المتساوية، وتفعيل النصوص القانونية الخاصة بهن في قوانين العمل والضمان الإجتماعي ونظام الخدمة المدنية وغيرها، جميعها ستسهم في الحد من عمالة الأطفال والطفلات.
وفي الوقت الذي تشير فيه “تضامن” الى رفضها التام لعمل الأطفال ذكوراً وإناثاً، إلا أن الواقع الفعلي والأرقام والدراسات تشير الى أن الطفلات العاملات يتعرضن للتمييز والتهميش بشكل يرسخ عدم المساواة بين الجنسين ويزيد من العادات المسيئة للنساء والفتيات والطفلات بشكل ينعكس سلباً على مستقبلهن.
ودعت “تضامن” جميع الجهات المعنية، الحكومية وغير الحكومية الى بذل المزيد من الجهود للحد من عمل الطفلات في الأعمال المنزلية والأعمال العائلية بشكل خاص، لأن عملهن هذا يقضي على فرصهن في التمتع بحقوقهن التي كفلتها القوانين المحلية والإتفاقيات الدولية خاصة إتفاقية حقوق الطفل وإتفاقيات منظمة العمل الدولية، وحماية لهن من التعرض لإنتهاكات جسدية وجنسية ونفسية، ولضمان أن لا يتأثر مستقبلهن ليصبحن شريكات فاعلات في المجتمع ويسهمن في مختلف المجالات وفي تنمية مجتمعاتهن.