أيام قليلة تفصلنا عن الموعد المحدد لإعلان خطة الضم الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، وسط زيادة المخاوف الإسرائيلية من أن ينتج عنه “واقع أليم” من الهجمات المسلحة، قد تتطور إلى انتفاضة، والانتفاضات الفلسطينية اندلعت، كما هو معلوم، بدوافع وطنية، وليست اقتصادية.
ليس واضحا للإسرائيليين بالضبط ما الذي سيحدث على الأرض، سواء كانت انتفاضة، أو هجمات فردية متنامية، لكن الاتجاه العام يقود نحو واقع عنيف ومتوتر، الأمر الذي يدفع لطرح السؤال: إلى أين سيؤدي مشروع الضم بالإسرائيليين؟ صحيح أنها لا أحد منهم يمكن أن يتنبأ، لكن الجيش الإسرائيلي سيكون مطالبا بالرد على هذه الهجمات، وفي هذه الحالة سوف يتسبب الرد في المزيد من الهجمات الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية، وفق التصور الإسرائيلي، قد لا تستطيع منع تنفيذ العمليات المسلحة، حتى لو لم تنصح بها، أو تدعمها، لكن الوضع الذي قد يسفر عنه انهيار السلطة فعليا على أرض الواقع، هو سيناريو محتمل، كل ذلك يؤكد أنه من غير الواضح ما الذي سيحدث على الأرض، لكن مشروع الضم يأخذ بالإسرائيليين على كل الأحوال إلى واقع عنيف.
اللافت في المسارعة الإسرائيلية لتنفيذ خطة الضم، أنها تحدث في الوقت الذي تتفاخر فيه بعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط وقادتها، لكنها لا تفهم أن هذه الخطة قد تؤثر حقا على قياس علاقتها مع تلك الدول، فضلا عن فحص تأثيرها السلبي على العلاقات مع شعوبها، خاصة أن غالبية مواطنيها هم فلسطينيون.
السؤال المطروح عما إذا كانت اتفاقيات السلام مع الفلسطينيين والعرب ستستمر أم لا بعد تنفيذ خطة الضم، لا أحد من الإسرائيليين يعرف كيف يجيب، وبالتالي فهل يهدّدون أنفسهم، ورغم ما يقولونه إن السماء لم تسقط حين انتقلت السفارة الأمريكية للقدس، لكن التمييز يبدو مطلوبا بين انتقال السفارة وخطة الضم في الوقت الحالي، صحيح أن السماء لم تهبط آنذاك، ولكن هل أن وضع إسرائيل اليوم أفضل بعد نقلها، الجواب هو لا.
رغم توفر قدر كبير من التفاؤل الإسرائيلي فيما يتعلق بمصطلح الضم الجديد من جانب واحد، لكن أسوأ وضع هو الوضع الحالي لضم التجمعات الاستيطانية، لأنه يتطلب من إسرائيل الاستعداد للحرب، فالسلطة الفلسطينية تضعف، ما يتطلب معرفة مصلحة (إسرائيل) بمثل هذا التطور الخطير.
الفلسطينيون من جهتهم قلقون بشأن ما يجري، فالوضع الحالي لا يطاق، وباتوا يعتقدون أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الاحتلال هي في انتفاضة مسلحة، ونتيجة لذلك، إذا حصلت انتخابات اليوم فلن يحصل أبو مازن على أكثر من 25 بالمئة من الأصوات، ولا يهم من سيفوز بها، فالوضع الحالي يعمل على تنامي طاقة الدعم لأي نشاط مسلح معاد لـ(إسرائيل)، ولن يكون بالضرورة شيئا مخططا، فمن المحتمل أن يبدأ بالهجمات الصغيرة.