نشرت صحيفة هآرتس بقلم كبير المحللين العسكريين عاموس هارئيل جزءًا آخر من تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السنوية المقدمة للحكومة والمتعلقة بالتطورات الإقليمية والدولية، والتي لم يتم نشرها في وسائل الإعلام، حينما تم نشر التقديرات في 15/1/2020، ولعل التطور الأبرز وفق ما ظهر من اهتمام هو تركيا التي وصفها تقرير الاستخبارات بالدولة الإقليمية العظمى الجديدة، وأشار إليها بدولة “تدير شؤونها الخارجية بصورة متطورة، وتناور بين الدول العظمى المتنافسة وهي الولايات المتحدة وروسيا”.
وصف التقرير ضعف التأثير الأوروبي المتزايد في المنطقة، كما ظهر جلياً بتطورات الاتفاق النووي مع إيران، مضيفاً أنه وفي مقابل ذلك “تقوم تركيا بتقوية مكانتها كدولة إقليمية عظمى”؛ فهي تنشط أو تتدخل في كل أماكن الأزمات في الشرق الأوسط مثل ليبيا وإدلب والساحة الفلسطينية وقضية اللاجئين في أوروبا.
في مقابل هذا، أكد تقرير جهاز أمان أن امريكا ما زالت تتوجه للانسحاب من الشرق الاوسط، رغم ان المعطيات الملموسة على الارض لا تعكس ذلك من حيث وجود 85 الف جندي أمريكي في المنطقة، منهم 18 الف جندي امريكي تم إحضارهم حديثا، وذلك في خضم تعهدات الرئيس دونالد ترامب المتكررة بالانسحاب من المنطقة.
وتطرقت تقديرات الاستخبارات الى الدور الروسي الذي يعتمد على ملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة من خلال ما أسماه التقرير بعقد تحالفات مصالح مع أطراف مختلفة.
أما الصين فتسعى وفق التقديرات الى تحقيق سياستها الاقتصادية من خلال عقود تجارية تكنولوجية مع التركيز على مشاريع البنية التحتية الضخمة كالموانئ والقطارات.
من المناسب الإشارة الى التناول الحذر لتركيا في تقرير الاستخبارات من خلال الاشارة لعناوين عامة دون الدخول في تفاصيل، وليس ذلك بسبب عدم وجود مثل هذه تفاصيل وتوصيات أخرى، وإنما -وعلى الارجح- لأن نشر مثل هذه التفاصيل قد لا يخدم الأمن القومي الاسرائيلي، وبكلمات أخرى فإن مواجهة النفوذ التركي اسرائيلياً تتم بهدوء، ومن خلف الكواليس، او تحت الرادار من خلال الوكلاء والحلفاء، وقد أشار مراقبون مؤخرا الى سباعية منتدى غاز المتوسط، والتي ترى في تركيا خطرًا يحظر التعاون معه، وينبغي مواجهته وحصاره، كمثال على ذلك.