غادر القوم كراسيهم، وأعتقد أنها عُقمت بشكل جيد جدا لاستقبال القادمين الجدد؛ ليسو كلهم جددا، فمنهم من يعرف كرسيه وموقعه جيدا، وهؤلاء لم ينبشوا أوراقهم، أو يُخلوا أدارج مكاتبهم. وكثير منهم يعرف الطريق، فلطالما سلكها في الأيام الخوالي، لكن قد تتغير عليه معالمه، لكن لا بأس فالسيد “غوغل” سيوصله عبر أقصر طريق، وبدون زحام.
ومنهم الجديد على الخط، وهؤلاء أيضا لن يجدوا صعوبة في الوصول، فبالإضافة إلى السيد “غوغل” فيمكن أن يكون بعضهم قد سلك ذات الطريق في أحلامه التي تحققت اليوم!
رغم أن مغادرة الكرسي أمر صعب، وكريه على النفس، إلا أن الجميل في الأمر عندنا أن التذكرة ليست ذهابًا فقط، بل كلها تذاكر ذهاب وإياب، لكن موعد الإياب ليس محددا بدقة، ولا يشترط أن يكون على ذات المقعد، لذلك فالنفس تبقى متشوقة ومتطلعة للعودة من جديد.
سيجلس الجميع، ويرتبون كراسيهم بعد أن تكون القاعة قد عُقمت جيدا، سيتبادلون التهاني، ويرحب القدامى بالجدد، ويقدمون لهم المساعدة في التعرف على أماكنهم، وسيقسمون بالله، ليس للحفاظ على كراسيهم معاذ الله، بل لخدمة العامة!!!
وبمناسبة “العامة” فهي ليست عامة جدا؛ فهناك عامة من الدرجة الخاصة، وهؤلاء يستأثرون بجل الخدمة التي أقسم أصحاب الكراسي على القيام بها، وهناك العامة من الدرجة الأولى، وهناك عامة من الدرجة الثانية وهكذا.