يخشى الفلسطينيون من أن يكون السماح لليهود بـ”الصلاة الصامتة”، في المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة، مقدمة لتقسيمه “زمانيا ومكانيا”، بين المسلمين واليهود.
وقررت محكمة الصلح الصهيونية في القدس، الثلاثاء، أن “الصلاة الصامتة” لليهود داخل حرم المسجد “ليست جُرما”.
وسبق ذلك، خلال الأشهر الماضية، غضّ الطرف من الشرطة الصهيونية، إزاء الطقوس الدينية التي يؤديها المستوطنون المقتحمون.
وأثار قرار المحكمة الصهيونية ردود فعل فلسطينية وأردنية، غاضبة.
ويقصد بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد، جعله مكانا دينيا مشتركا للمسلمين واليهود، وهو ما يرفضه المسلمون بشدة.
وتطالب الجماعات الصهيونية المتطرفة، بتخصيص “أوقات” و”أماكن”، لليهود، للعبادة داخل حرم المسجد.
ويحذر الفلسطينيون من أن الاحتلال تعمل على تحقيق هذا التقسيم، بشكل تدريجي، وبدأته من خلال السماح للمستوطنين باقتحام المسجد، خلال أوقات محددة، هي في فترة الصباح، وما بعد صلاة الظهر.
وقررت الشرطة الصهيونية أحاديا في عام 2003، السماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى بحراستها، رغم احتجاجات دائرة الأوقاف الإسلامية.
وازدادت أعداد المقتحمين سنويا إلى أن وصلت إلى أكثر من 18 ألف مستوطن في 2020، فيما يتوقع أن يكون العدد قد ازداد العام الجاري.
وتزداد أعداد المقتحمين في فترة الأعياد اليهودية، وهي كثيرة.
* العدو ليس صاحب صلاحية
وندد الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، بالقرار القضائي الصهيوني الخاص بشرعنة “الصلاة الصامتة”.
وقال صبري : “القرار باطل، فلا يحق للمحكمة التدخل في شؤون المسجد الأقصى وما بني على باطل هو باطل”.
وأضاف: “المحكمة الاحتلالية ليست صاحبة صلاحية وليست ذات اختصاص بما يخص المسجد الأقصى، فالمسجد أسمى من أن يخضع لأي قرار وضعي لأنه مرتبط بقرار إلهي رباني”.
وتابع: “هذا القرار الباطل هو تمهيد لقضية المخطط الاجرامي بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد”.
وحذر الشيخ صبري الحكومة الصهيونية من “أي مساس بحرمة المسجد الأقصى”.
كما حمّل الدول العربية والإسلامية “المسؤولية” عن أي أذى يلحق بالمسجد، كونه “أمانة في أعناق جميع المسلمين”.
وعقب صدور القرار القضائي الصهيوني ، صدرت تحذيرات عن مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية، والهيئة الإسلامية العليا، ودار الإفتاء الفلسطينية، وديوان قاضي القضاة في القدس، ودائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى.
ويحذر الفلسطينيون من أن هذا القرار قد لا يكون نهاية المطاف في ضوء المخططات المعلنة من قبل الجماعات الصهيونية المتطرفة.
* هناك أطماع أكبر من ذلك
من جانبه: أعرب الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، عن قلقه من تداعيات القرار.
وقال : “ننحن ننظر بعين الخطورة الى هذا القرار وما بعده، فهو يسمح الآن بأداء صلوات وماذا بعد ذلك؟ (..) الاحتلال والمتطرفون لهم أطماع أكبر من ذلك”.
وأضاف: “اليوم شرعنوا الصلوات، في محاكمهم، التي لا نعترف بها، وننظر بعين الخطورة إلى ما بعد ذلك”.
واعتبر أن القرار، يمس بعقيدة المسلمين في كل بقاع الأرض، ويستهتر بمشاعرهم، مطالبا الدول العربية والإسلامية بالتصدي له.
ولفت الشيخ الكسواني إلى أن الجماعات الاستيطانية، سارعت إلى تطبيق القرار الصهيوني على أرض الواقع.
وقال مدير المسجد الأقصى، إن تداعيات القرار حدثت يوم الخميس، على أرض الواقع من خلال “أداء المستوطنين المقتحمين صلوات تلمودية أكثر مما كان يتم سابقا، دون اعتراض من الشرطة الصهيونية، بل وفرت الحماية لهم”.
وتقول الجماعات الدينية اليهودية صراحة، إنها تسعى لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
وتزعم هذه الجماعات أن المسجد الأقصى، بُنيَ على أنقاض معبد الهيكل، وهو ما ينفيه المسلمون.
ويقول الفلسطينيون إن السماح بهذه الاقتحامات والحديث عن أداء صلوات في ساحات المسجد أو تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، هو انتهاك للوضع التاريخي القائم في المسجد.
والوضع التاريخي القائم هو الوضع الذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني، وصولا الى بداية الاحتلال الصهيوني عام 1967.
وبموجب الوضع التاريخي القائم فإن الصلاة في المسجد تقتصر على المسلمين وحدهم، فيما يمكن لغير المسلمين زيارته كسياح، وتكون المسؤولية فيه حصرا لدائرة الأوقاف الإسلامية.
وفي سنوات عديدة، أدت كثافة الاقتحامات الصهيونية للمسجد، إلى تفجير مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين الصهاينة، كان آخرها في شهر مايو/أيار الماضي.
وتكرر الحكومات الصهيونية حديثها عن التزامها بـ”الوضع القائم”؛ ولكن الفلسطينيين يقولون إنها تنتهك هذا الوضع ولا تحترمه.