المواطن العربي كائن “مروض” وخائف من كل شيء

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : علي سعادة

من الواضح تماما، أن المواطن العربي هو مواطن حكومي، موال، طائع لكل ما يقوله ولي الأمر، لا تحتاج الحكومات إلى جهد كبير لحكمه والسيطرة عليه، لا تحتاج إلى أكثر من شرطي يقف على مفترق الطريق ليحدد من يمر ومن عليه أن يمضي نهاره في “النظارة” أو “القاووش”.

الإنسان العربي واقع في دائرة مغلقة بشكل محكم فهو خائف ومرعوب من الاعتقال، خائف من الإهانة ومن التعذيب النفس والجسدي، يرتجف خوفا من جدران وقضبان السجن، يخشى من الفقر والحرمان والبطالة، يمضي ليله وهو يفكر كيف يؤمن احتياجات أسرته من مواد تموينية ومصاريف دراسة وفواتير كهرباء وماء ونت وأقساط القروض البنكية ( شقة سكينة، سيارة مشروع تجاري صغير، الدراسة الجامعية).

لا يثق بأحد، ويخشى من قول رأيه حتى لا يؤول كلامه، فيزور “بيت خالته” مع أن الخالة ترمز إلى الطيبة والود والألفة فهي بمكانة الأم، لذلك غالبا ما يلجأ إلى الصمت، أو استخدام كلمات شائعة  قد لا تعني شيئا لكنها تحمل في ثناياها الكثير من السياسة، فهو حين يريد أن يهاجم جهة ما يتحدث عنها بصيغة الجميع وضمير الغائب، فيقول مثلا :” بدهم يجوعونا”، “الله على الظالم”، “الفاسدين الحرامية، وغيرها”!

المواطن العربي لا يشعر أبدا لا بروح ولا بنص القانون، فهو يعرف أنه، في الخطب والنصوص أغلى ما تملك الحكومات العربية، لكنه ما إن يعلو صوته حتى يتهم بتنفيذ أجندات خارجية، وبتقويض الأمن الاجتماعي، ويصبح مشكوكا في وطنيته وحتى في أصوله، لذلك  يمارس المواطن العربي رقابة ذاتية صارمة على أفكاره وأقواله وأفعاله وينسحب ذلك على جميع أفراد أسرته، وفي  حال وقوع أي خطأ يوجه اللوم إلى الآخرين وإلى باقي أفراد الشعب، بدلا من توجيه اللوم والنقد للجاني.

ترويض المواطن العربي يأخذ شكل “التدريب” وتعويده على نمط حياة معين، حتى لا يشكل مصطلح “الترويض” معنى سلبيًّا في ذهنه، فهو يعيد ترتيب حياته وسلوكياته اليومية بناء على ما تراه الحكومات مناسبا ليه، فهي من تصرف راتبه وهي من تحسم منه ما تراه مناسبا وفقا لأي قانون من عشرات القوانين الجاهزة للتفعيل والموضوعة على الرف للحاجة بناء على مصالح الحكومة واللوبي المقرب منها.وهي أيضا تحدد له ساعات النوم وساعات الاستيقاظ.

وفي مرحلة لاحقة ستضع له برنامجا للقيام بواجباته الزوجية، ومتى يحق له الذهاب إلى دورة المياه أو غيرها من تفاصيل حياته اليومية.

في المحصلة الإنسان العربي لا يعيش حياة حقيقة، هو يمارس دوره اليومي الروتيني المرسوم له بعناية ودقة، بطريقة آلية تثير الشفقة والرثاء لحاله. 

اكتب تعليقك على المقال :