تحذيرات وزير الامن الاسرائيلي يؤاف غالانت ورئيس اركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي بالرد الساحق على اي تهديدات او هجمات تأتي من الاراضي السورية واللبنانية ذهبت ادراج الرياح؛ فانشغال الكابينت الاسرائيلي (الحكومة المصغرة) والجيش الاسرائيلي في تقييم الضربة الصاروخية القادمة من جنوب لبنان تعكس حالة الصدمة والعجز وغياب الاستعداد الحقيقي لهذه المواجهة.
الضربات الصاروخية سواء تلك القادمة من جنوب فلسطين او القادمة من جنوب لبنان اكدت هشاشة نظرية الامن الاسرائيلي وغياب الاستراتيجية الواضحة والحاسمة لتطوارت المشهد الامني داخل الكيان وفي محيطه الحيوي.
ردة الفعل المتثاقلة للكيان المحتل تؤكد تعقد الحسابات الامنية للمؤسسة العسكرية والامنية التي تجاوزت في حساسيتها الحسابات السياسية والتصريحات النارية للقادة العسكريين الكبار والقادة السياسيين المتحمسين في الكيان لفرض اجندته في الضفة والقدس.
عربدة المستوطنين في القدس والضفة الغربية باتت مكلفة على كافة الصعد الداخلية والخارجية، فضلا عن تغذية الانقسام بين اقطاب المؤسسة الامنية والسياسية في الكيان المحتل؛ فالأجندة الفاشية للحكومة والمستوطنين تقود الكيان نحو حرب استنزاف طويلة تضرب في اركان الامن والاقتصاد الاسرائيلي والمكانة الدولية المتضررة مسبقا.
الضربة الصاروخية من جنوب لبنان كشفت ظهر حكومة نتيناهو الفاشية ووضعتها اما استحقاقات ثقيلة لا تستطيع حملها؛ فالكلفة باتت مرتفعة على نحو غير مسبوق للسياسات المتبعة في الاراضي المحتلة خصوصا القدس والمسجد الاقصى، ولا يتوقع ان يفضي الرد العسكري الاسرائيلي الى ردع المقاومة التي باتت تغمس داخل صحن القدس السياسي والامني، راسمة معالم مشهد اكثر جدية وانتاجا وقدرة على ردع الاحتلال، فضلا عن إسهامها في تحسين ظروف وجهود إعادة التموضع لكافة القوى الاقليمية بما فيها ايران وسوريا والسعودية.
أخيرًا، فإن الضربات الصاروخية القادمة من غزة ومن جنوب لبنان لم توحد الكيان الصهيوني، بل زادته انقساما، وهددت بإضعاف ثقة المجتمع الصهيوني بنخبه السياسية والامنية، وهي خطوة أولى في رحلة طويلة قد بدأت لتهشيم نظرية الامن الصهيوني، وصياغة قواعد اشتباك، ونظريات ردع جديدة يمتد أثرها الى القدس المحتلة والضفة الغربية التي باتت مقاومتها مسلحة، في حين لا زالت السلطة في رام الله وبعض العرب يغمسون خارج الصحن في اوروبا واميركا.