هنّ مجموعة من النسوة تجندن فرديا وجماعيا لحماية المسجد الأقصى والدفاع عنه ضد بطش وإرهاب الاحتلال الصهيوني، متسلحات بالعزم والصبر وبكلمة “الله أكبر”.
فعند أي اقتحام للأقصى أو اعتداء من المستوطنين أو الشرطة الصهيونية، تجد المرابطات يتصدّرن مشهد الدفاع عن الأقصى، فتكون المرابطة أول من يفديه بالدم والجسد والروح، بعدما فدته بوقتها ومالها وعملها ومنزلها.
وتعرّضن في كثير من الأحيان للاعتداء والضرب وإصدار قرارات عدة بالإبعاد قسراً عن دخول الأقصى، والإقامة الجبرية في المنزل، من سلطات الاحتلال؛ بسبب دورهن في حماية الأقصى والدفاع عنه.
من العقيدة
خديجة خويص، إحدى المرابطات في المسجد الأقصى، معلمة في مدينة القدس، وتبدأ يومها كباقي المرابطات بالرباط بعد صلاة الفجر ومن ثم تذهب إلى عملها في التدريس، وتعود إلى بيتها لإنجاز أعمال البيت، لترابط بعدها في ساعات المغرب والعشاء على أبواب المسجد الأقصى لمنعها وحظرها من الدخول للأقصى.
وتؤكد خويص، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الرباط مرتبط بشعائر دينية، مؤكدة أنهم يقومون بهذا العمل لوجه الله تعالى.
وأوضحت أن الرباط له خصوصية أكبر داخل المسجد الأقصى؛ لكونه يخص الأقصى الذي يتعرض للعدوان والاقتحامات، إضافة إلى عدِّه عملا مقاوما ونضاليا يرفض الاعتداء على المقدسات وسيطرة مالاحتلال.
وأشارت إلى أنه وبعد منع المرابطات من الرباط داخل المسجد الأقصى بدأ الرباط على أبواب المسجد الأقصى المبارك، خاصة في الهبات ومواسم الأعياد اليهودية.
وأفادت أن بعض المرابطات ممنوعات من الوصول لباب السلسلة، وبعضهن ممنوع من الدخول للمسجد الأقصى.
ولفتت إلى أن المرابطات يتعرضن شبه يومي للاعتداء والاعتقال من الاحتلال الصهيوني، لافتة إلى أنها تعرضت للاعتداء والاعتقال والتحقيق ومداهمة المنزل أكثر من 25 مرة.
وحول ظروف الاعتقال أوضحت أنها تتم كظروف الاعتقال لأي أسير فلسطيني، حيث يتعرضن للتفتيش العاري في كل دخول أو خروج من السجن، إضافة للإهانة ونزع الحجاب وأساليب همجية عديدة يمارسها الاحتلال مع الأسرى والأسيرات.
وشددت على أن الاعتقال والمداهمة والاستدعاءات لن تثنيهن عن مواصلة الرباط داخل المسجد الأقصى وخارج أبوابه؛ لكونه جزءًا من العقيدة والنضال المفروض على جميع الفلسطينيين والمسلمين.
دور الرباط
من جهته، أشاد الشيخ ناجح بكيرات -نائب المدير العام لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة- بالدور الذي يقدمه المرابطون والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك.
وأوضح بكيرات أن رباط النساء له أصل في العقيدة والتاريخ، مؤكدا أن حماية المسجد الأقصى والمقدسات هي جزء لا يتجزأ من هذه العقيدة التي تشارك فيها المرأة والطفل والرجل والشيخ.
وذكر الشيخ بكيرات أن الدور النسائي في مدينة القدس أبرز دورا كبيرا من خلال الفتيات والأمهات والمعلمات والطبيبات المقدسيات.
ومن الناحية التاريخية أورد بكيرات أن رباط النساء كان موجودا منذ الفترة المملوكية، حيث كان يوجد مقر كبير في باب السلسلة اسمه “رباط النساء”، وكان المسؤول عنه امرأة شيخة تقوم هي والمرابطات بقراءة أجزاء من القرآن في الصخرة المشرفة وعلى مصاطب العلم بالمسجد الأقصى.
وأشار إلى أن النساء كنّ ينظفن ساحات المسجد الأقصى بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر، ويدعين في أوقات السحر للمسملين داخل باحات المسجد الأقصى.
كما أشار بكيرات إلى أن حركة النساء في القدس ظهرت عام 2012؛ حيث بدأن بالتوجه لمصاطب العلم وأخذت طابع التعليم ونشر الوعي؛ ما أزعج الاحتلال.
وأوضح أنه خلال تلك الفترة كانت حوالي 200 إلى 300 مرابطة يشاركن في حلقات تعليمية وفي وقفة جادة أمام الاقتحامات.
تطور الوضع -حسب بكيرات- بحيث أصبح الاشتباك لحظيا وعن قرب، ما دفع الاحتلال لإنهاء موضوع الرباط عام 2015، وأخرج جمعيات تعنى بالرباط، وبدأ باعتقال النساء وتكسير أيديهن وأرجلهن.
ولفت إلى أنه رغم حالة الحظر من الاحتلال إلا أن نساء ومرابطات القدس لا يزلن يحضرن لقبة الصخرة وباب السلسلة ومصاطب العلم، فمنهن من تلتحق بحلقات الفقة وأخريات بحلقات القرآن والحديث، ومنهن من يقفن على الحواجز خارج المسجد، ومنهن من يعلمن في حواري المدينة ويساعدن الطلبة.
وأكد أن فكرة الرباط توسعت حسب احتياج العصر كثيرًا جدا، وأثبت القطاع النسائي في القدس دوره في حماية المسجد الأقصى من خلال الوجود داخل المسجد، ومن خلال حمل الرواية في المدارس والحلقات والمنتديات وشبكات التواصل.
وأشار بكيرات إلى أن هذا الدور الذي تقوم به المرابطات بحاجة إلىى حاضنة عربية واسلامية، إضافة لنشر الوعي عبر مؤسسة نسائية ترعى هذه الحركة وهذا القطاع.
وأوضح أنه بعد عام 2015 لا توجد أي جهة أو جمعية تقدم لحركة الرباط أي شيء على الاطلاق، وإنما هو تطوع لوجه الله تعالى، ويتحملون كل شيء شخصيّا.
المركز الفلسطيني للإعلام