اللعب بالإنسانية في أفغانستان

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. سامر أبو رمان

منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانستان كثر الحديث بسوء أو حسن نية عن حجم ‏الدمار الذي سيصيب هذا البلد، واستنفرت جهات إنسانية أممية جهودها لجمع ونشر البيانات عن احتياجات اللاجئين ‏والنازحين معززة بأرقام حالية ومستقبلية.

وفي المقابل كانت ردة فعل جهات دولية أخرى مستفزة في التركيز على ‏جانب إنساني واحد كحقوق النساء، وكأن هذه الجهات أصابتها عدوى الإعلام الغربي حتى وصل بعضها إلى التهديد ‏بمنع التعامل مع السلطات الجديدة، وهي في الوقت نفسه تطلب تبرعات من عامة الناس حول العالم لدعم هذا الاستنفار ‏في هذا الجانب دون مراعاة أولويات حفظ الحياة وتوفير أدنى مقوماتها.

‏لا غرابة أن الدول الكبرى، في بعض تدخلاتها الإنسانية، تخدم مصالحها الخاصة، حين تستخدم المساعدات كأداة ‏سياسية منحا أو منعا، أو من باب الشعور بالذنب، حينما تكون الدولة ذاتها مورد الأسلحة التي استخدمت في الحروب ‏التي تسببت في قتل وإعاقة وتهجير المدنيين، ولكن على الجهات الإنسانية الأممية أن تترفع عن سلوك كهذا.‏

وبهدف فهم الأدوار المتوقعة من المنظمات الإنسانية وحدود التدخل الإنساني المحتمل، وتوقع مسارات الأزمة الأفغانية ‏التي تتسم بعدم اليقين وتعدد الاحتمالات، صدرت ورقة تقدير موقف مميزة، عن المركز العالمي لدراسات العمل ‏الخيري في الكويت، بعد فترة وجيزة من التغيرات الأفغانية تحت عنوان «الحالة في أفغانستان – الآثار المحتملة ‏والأدوار الإنسانية المتوقعة»، والتي انطلقت من عاملين أساسيين للاستقرار والانتقال المجتمعي السلمي، وهما: ‏الاعتراف الدولي بالنظام السياسي الجديد والنزاع الداخلي، وطرحت 4 سيناريوهات متوقعة مستقبلية: منح ‏الاعتراف الدولي بالنظام السياسي وتوقف النزاع الداخلي، غياب الاعتراف الدولي وتوقف النزاع، منح الاعتراف ‏الدولي واستمرار النزاع، ثم السيناريو الأسوأ بغياب الاعتراف الدولي واستمرار النزاع.‏

ولكل من هذه السيناريوهات، تم استعراض صور التدخل الإنساني الممكنة، وأبرز الآثار الإنسانية المحتملة لتعقد ‏الحالة السياسية، والأدوار المتوقعة من المنظومة الإنسانية، إلى جانب استقراء آراء الخبراء حول تجربة التدخل ‏الإنساني في أفغانستان، لمعرفة المخاطر المحتملة على مختلف درجاتها، والتي من الممكن للعمل الإنساني أن يتعرض ‏لها في بيئة نزاع مسلح وعرضتها الورقة حسب درجة خطورتها واحتمال حدوثها.

‏وفي كل ذلك، يبقى السؤال الأهم: ماذا يمكن أن تقدم المنظومة الإنسانية للحد من أي تأثيرات محتملة للحالة ‏السياسية الراهنة في أفغانستان؟ ولاسيما مع الظروف البيئة وفصل الشتاء القاسي في أفغانستان بعيدا عن تجاذبات ‏الجهات الدولية وصراعات الأطراف الداخلية والتي يجب أن تسمع هي الأخرى اللوم وترى التعامل معها بشدة حتى ‏تترك خلافاتها وتضع أسلحتها جانبا أمام دماء الناس بعد عقود من المعاناة.
‏يجب أن يبقى العمل الإنساني منضبطا بأهدافه وحياديته وفق المنطق، بعيدا عن الأبعاد السياسية والأيديولوجية في ‏الصراعات، وما يترتب عليها من تداعيات مختلفة، وعلى العاملين في ميدان العمل الإنساني أن يخلعوا قبعة أفكارهم ‏أمام الدماء إذا سالت والروح إذا فقدت!‏ 

اكتب تعليقك على المقال :