•قال صاحبي : أي الأسلحة في هذه الحرب المشهرة على دعاة الإسلام تراها أشد فتكاً وأبلغ خطراً؟
قلت له: (الكذب).
قال: كيف ؟
قلت: إنه ليس لدعاة الإسلام في معركة البلاغ وإحقاق الحق ـ بعد فضل الله سبحانه وتعالى ـ غير قوتين ضاربتين: أولاهما قوة (الحق) الذي يؤمنون به ويدعون إليه، والثانية قوة (أخلاقهم) التي هي أثر هذا الحق ومصداقه وحجته على الناس. الأولى تكسر كبر الباطل وتكشف زيف دعواه: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) والثانية تكسر كبر النفوس وتشهد الناس على أنفسهم وتقطع حبل المراء: (آمنوا كما آمن الناس)!.
هاتان القوتان جمعهما توجيه الله للداعية الأول (فلذلك فادع، واستقم كما أمرت)، فلا غرو أن جعلهما صلى الله عليه وسلم جماع الأمر حين سأله أحد أصحابه أن يقول له قولاً في الإسلام لا يحتاج بعده إلى سؤال أحد، فكان جوابه (قل آمنت بالله ثم استقم).
وبهاتين القوتين تنزل الوحي في معرض التعزي الجميل وتثبيت نبيه والمؤمنين. تنزل بالأولى إذ شهد للداعية الأول بان (الحق) الذي يدعو إليه قد استعلن فلا عليه من جحود الجاحدين: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)، وتنزل بالثانية إذ جعل إسلام الدعاة أنفسهم وثيقة الشهادة لهم في أعناق المبطلين (فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). وتنزل الوحي بالقوتين معاً في هذا النشيد العلوي الرفيع: (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون. قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم، ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم، ونحن له مخلصون).
لذلك كان أفتك الأسلحة في كل حرب تشهر على دعوة الإسلام ، وأبلغها خطراً، هو سلاح (الكذب) الذي ينال من أولى القوتين فيفتري صاحبه على الحق ـ مارقاً عن عمد أو عبثاً بغير علم ـ ويمسخ ملامحه ويشوه معالمه ويفسد وجهه على الناس، وفي مثل هذا نزل قول الله (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم؟! إن الله لا يهدي القوم الظالمين) أو الذي ينال من ثاني القوتين فيفتري صاحبه على الدعاة ويلغ في أعراضهم ويلوك ـ بالإرجاف الباطل ـ في كل خصيلة فضل قد يعرفها الناس عنهم كي ينزع الثقة فيهم ويصرف المقبل ويجرد (الحق) ـ مهما قوى واستعلن ـ من أعز قواه، بعد الله، في أخلاق المؤمنين به والداعين إليه، وفي مثل هذا قول الله (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً).
ومن عجب أن سلاح الكذب هذا ـ الكذب على (الحق) في قيمه وتعاليمه ومقومات كيانه، والكذب على أشخاص العاملين له بالغمز من أخلاقهم والتشهير بهم وإشاعة السوء عنهم ـ قد ترفعت عنه الجاهلية الأولى في عامة معاركها الضارية مع دعوة الإسلام وداعيتها الأول صلى الله عليه وسلم، إلا ما كان من أمر الذين كشف الله خبيئتهم من أهل الكتاب، وخاصة اليهود، ممن لبسوا الحق بالباطل وحرفوا الكلم عن مواضعه واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً،وإلا ما كان من أمر آحاد منحرفة ناشزة في بيئة ضرت في حرب الإسلام وأمعنت في التنكيل بأهله ولكنها على ضراوتها وسعرة حربها لم تسف إلى الكذب لأنه ليس من خلق الرجال.
من عجب أن نرى أبا جهل وهو يقود أفلاذ أكباد مكة إلى (بدر)، بعد أن تولى كبر استنفارهم جميعاً لحرب محمد، وبعد أن أنكر رسالة أبي سفيان (إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله، فارجعوا!) وعارضها بصرخة البغي والمجون والخيلاء (والله لا نرجع حتى نرد بدراً، فنقيم عليه ثلاثاً، فننحر الجزر، ةونطعم الطعام، ونسقي الخمر،وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً!)… ومن عجب أن أبا جهل هذا، العدو الماجن المختال، يعف لسانه عن الكذب حين يسأله الأخنس بن شريق قبيل المعركة عن رأيه في صدق محمد، برغم أنه يعلم أن وراء الأخنس يني زهرة جميعاً يأتمرون بأمره، فيشهد أن محمداً لم يكن يكذب على قومه وكانوا يسمونه (الأمين) فكيف يكذب على الله، ولكنها ـ في الحق ـ حرب هذا السلطان الجديد لبني هاشم باسم النبوة، فوق ما لهم من السقاية والرفادة والمشورة فيرجع الأخنس بقومه من الجحفة، ولا يشهد معركة بدر زهري واحد!.
هكذا كانت عفة أبي جهل العربي زعيم معسكر الكفر ـ في الجاهلية! ـ عن (الكذب) الذي أمسى حرفة السياسيين العليا في هذا العصر،ونهجها العبقري المبدع في محاربة الإسلام والعاملين له، وما عف أبو جهل عن الكذب رهباً من الله أو خوفاً من محمد، فهو الذي هزأ بالوحي وأراد القتال، وإنما كان ذلك هو الشأن في فحولة الرجل وفي تقارع الرجال. أما اليوم، فقد غدا (الكذب) فناً عجباً تقوم عليه أجهزة ذات أسماء، وتنسج لأحكامه شبكات، وتسخر له حصيلة علوم شتى وكل ما أحدث العصر من وسائل نقل واتصال، وتدرج به الدبلوماسية الناعمة في أبهة وهيلمان ـ فالأكذب هو الأحصف، والأقدر على تلبيس كذبه هو الأدهى، والذي يبلغ بذلك مأربه ويديل به من عدوه هو (الفحل) الذي يدخل التاريخ، وفحولته على ذلك هي بقدر ما كذب وغدر في الكيد واخترام الحدود!.
يا صاحبي: ما أشد ما جنى (الكذب) على العاملين للإسلام، وما كان أهون المعركة على كثير منهم لو تسمت الأمور بأسمائها، وتميزت الجبهات على هيئاتها، واستبانت جبهة الإسلام بمعالم رسالتها وحقائق رجالها، وعرف المسلمون أن (دينهم) هو موضوع المعركة!.
إن هذا (الكذب) هو فتنة عصرنا الكبرى، وما أكثر ضحاياه الذين أفهموا الإسلام على غير وجهه فراحوا يتسوقون لرسالة جديدة تقنعهم وتحل مشاكلهم، أو انقلبوا عليه إذ أخطؤوا فهمه أن التحرر من أغلال تراثه هو بداية الانطلاق، وما أكثر ضحاياه الذين فهموا الإسلام واعتنقوه ولكنهم فقدوا الثقة في العاملين له، فصاروا بين ناشط يزيد في الفتنة ـ من حيث ـ يدري أو لا يدري ـ أو متردد عصفت به الحيرة فاعتزل كل نشاط وحرم الإسلام من نفسه.
وحتى وصف (الفتنة) قد مسخه كذب العصر وغلب عليه ما غلب على أمر مجتمعنا المختلط من نزاع الهوى في سبيل الجاه والسلطان، ويحضرني هنا ما قاله سعيد بن جبير (خرج علينا عبد الله بن عمر فرجونا أن يحدثا حديثاً حسناً، فبادرنا إليه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن، حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة)، فقال عبد الله بن عمر: هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك؟ إنما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين، والدخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك!!).
هكذا تميز المعسكر الإسلامي في حربه مع الجاهلية الأولى، وما أكثر ما أذكر ذلك كلما دهمتنا داهية جديدة من (فتنة الكذب) على أي صعيد، وما أشد ما تذكرني كل أكذوبة جديدة بقصة الحوار العجيب التي أثبتها الإمام البخاري في مطلع صحيحه(1)، بين هرقل قيصر الروم وأبي سفيان بن حرب من زعماء قريش، وكلاهما إذ ذاك من معسكرين حريصين على استئصال شأفة الإسلام :
(كان ذلك في بيت المقدس، أو (إيلياء) كما كانت تدعى وقتئذ، وكان أبو سفيان في ركب من قريش في تجارة، وقد وصل وفد دحية بن خليفة الكلبي يحمل رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم!.
دعا هرقل أبا سفيان وجماعته، ووفد دحية، إلى مجلسه بين حاشية تحيط به من عظماء الروم، ثم دعا بترجمانه وسأل أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فأجاب أبو سفيان أنا أقربهم نسباً.
فقال هرقل: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل (أي عن محمد) فإن كذبني فكذبوه! ثم كان هذا الحوار:
هرقل: كيف نسبه فيكم؟
أبو سفيان: هو فينا ذو نسب.
هرقل: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
أبو سفيان: لا.
هرقل: فهل كان من آبائه من ملك؟
أبو سفيان: لا.
هرقل: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
أبو سفيان: بل ضعفاؤهم.
هرقل: أيزيدون أم ينقصون؟
أبو سفيان: بل يزيدون.
هرقل: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
أبو سفيان: لا.
هرقل: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما يقول؟
أبو سفيان: لا.
هرقل: فهل يغدر؟
أبو سفيان: لا، ونحن معه في مدة (2) لا ندري ما هو فاعل فيها.
هرقل: فهل قاتلتموه؟
أبو سفيان: نعم.
هرقل: فكيف كان قتالكم إياه؟
أبو سفيان: الحرب بيننا سجال، ينال منا وننال منه.
هرقل: ماذا يأمركم؟
أبو سفيان: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فقال هرقل للترجمان: قل له (أي لأبي سفيان):
(سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يتأسى بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه ملك؟ فذكرت أن لا، فقلت لو كان من آبائه ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله! وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف. فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أظن أنه منكم، فلو أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه!).
ثم دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية، فدفعه إليه، فإذا فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلا م على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيين(3). (ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
يقول أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمِر أمر ابن ابي كبشة!! أنه يخافه ملك بني الأصفر.. فما زلت موقناً أنه سيظهر، حتى أدخل الله علي الإسلام .
وتمضي رواية (البخاري) فتذكر أن هرقل كتب إلى صاحب له برومية ـ وكان نظيره في العلم ـ وأنه سار إلى حمص فما وصلها حتى وافاه جواب صاحبه بمثل رأيه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فجمع عظماء الروم في (دسكرة)(4) له بحمص، ثم أمر بأبوابها فأغلقت، ثم قال لهم يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من إيمانهم قال: ردوهم علي، وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت! فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل.
ومرة أخرى يذكر عبد الله بن عباس ـ الذي روى عن أبي سفيان ما كان بينه وبين هرقل ـ أن أبا سفيان قال: (فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عليه (أي على محمد)، وأن أقصى ما بلغه في النيل من النبي صلى الله عليه وسلم قوله حين سأله هرقل: هل يغدر؟ (لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها)!.
أين من هذا الوضوح والنصفة والصدق، في هرقل وفي أبي سفيان قبل أن يسلم، ما نكابد من الصغار في ساسة عصرنا الكبار، بل في الذين يسوسون أمورنا نحن ـ من أنفسنا ـ ويزعمون النسبة إلى الإسلام ؟!
ومن لنا بحركة (رجعية) ترد على كبارنا بعض خصال الجاهلية الأولى من صراحة المعدن وفحولة الرجال؟!!
هنا قال صاحبي: كل ذلك حق لا مرية فيه، ولا شك أن (فتنة الكذب) من أخطر ما يهدد دعوة الإسلام ، ولكنني مع ذلك أخشى أن تكن قد عممت فظلمت رجالاً لم يفتنوا بها،ولا يزالون بفضل الله أعصى على مكايدها وأحفظ للقوتين الضاربتين في كل مكان. قلت: كيف لي أن أغفل هؤلاء وهم منطلق العمل وركيزة الأمل وزادنا المذخور ـ بعد الله ـ في رحلتنا الشاقة مهما بعدت الشقة واعتكر الظلام؟ ولكنهم، يا أخي، قليلون معدودون في كثرة عارمة تتضخم وتزداد، وبين قوى هادفة منظمة لا تفتأ تمد رواقها من حولهم بل تجوس خلال كل ثغرة فيما بينهم بدأب ودهاء، وما لم يسارع الأبرار القليلون إلى جمع شملهم، واستجماع القوتين الضاربتين كلتيهما، قوة (الحق) في رسالتهم فيستوعبوها على بصيرة مهما افترى الأعداء، وقوة (الأخلاق) في سيرتهم فيتقوا الله في أنفسهم ويرفعوا أذى الإرجاف عن كيانهم مهما أُحكمت أسبابه وفار رغاؤه وراج افكه في الناس، فإنني أخشى عليهم ما روته زينب ابنة جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم استيقظ محمراً وجهه يقول (لا إله إلاّ الله، ويل للعرب من شر قد اقترب…) فقيل له أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال: (نعم، إذا كثر الخبث)(5).
قال صاحبي: هذا الشر المقترب، أتراه شر أعداء المسلمين من خارج إذا غلبوهم على أمرهم وكثر خبثهم، أم هو غير ذلك؟
قلت: قد تجد جوابك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعه أبو إدريس الخولاني من حذيفة بن اليمان:
قال حذيفة: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم! قلت: وهل بعد ذلك الشر خير؟ قال نعم، وفيه دخن(6) قلت وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر! قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم! دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت يا رسول الله، صفهم لنا. قال هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا! قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك!)(7)
اللهم إنا نعوذ بك من كل فتنة، ونسألك الصدق في القول والعمل، وأن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك.
اللهم وإنا نلوذ بحماك… أعز الحمى.
المراجع
(1) صحيح البخاري، الجزء الأول، الباب الأول (كيف كان بدء الوحي) ـ ص (5 ـ 7) نشر مكتبة النهضة الحديثة بمكة المكرمة سنة 1376هـ .
(2) يعني بذلك عهد الحيبية.
(3) نسبة إلى الإريس وهو الكار: الفلاح.
(4) الدسكرة بناء كالمصر،و حوله بيوت الخدم.
(5) البخاري، الجزء التاسع كتاب الفتن، (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ويل للعرب من شر قد اقترب) ص 40.
(6) أي فهم غير صاف ولا خالص.
(7) البخاري، الجزء التاسع، كتاب الفتن، ص 43 ـ 44.
المصدر : مجلة المسلمون العدد السادس آذار(مارس) 1964 مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية المملكة المتحدة لندن