صادق الاحتلال قبل عدة أشهر على إقامة مشروع استيطاني جديد في مدينة القدس المحتلة يحمل دلالات كثيرة؛ حيث اعتبر من أخطر المشاريع التهويدية شرق المدينة والذي يحمل بين طياته الكثير من الأهداف لخدمة المستوطنين ورؤية “القدس الموحدة” التي يتطلعون لها.
ويتمثل المشروع بإقامة قطار هوائي معلق ملاصق للمسجد الأقصى المبارك، حيث يربط جبل الزيتون المطل على البلدة القديمة وباب المغاربة أحد أبواب المسجد، ويهدف في طاهره إلى تسهيل وصول المستوطنين من غرب القدس إلى البلدة القديمة.
ولكن الفلسطينيين يرون أن هذا المشروع يحمل أكثر من هذا الهدف؛ فهو على أقل تقدير سيغير المعالم الشهيرة للبلدة القديمة وسيضفي طابعا آخر على وجه القدس الشرقية ومحيط المسجد الأقصى، ناهيك عن زيادة أعداد المستوطنين الذين يقتحمون المسجد ويستبيحون حائط البراق يوميا.
ويرى الناشط المقدسي فخري أبو دياب بأن هذا المشروع يعد من أخطر وأكبر المشاريع التهويدية التي ستقام في القدس؛ وذلك لأنه سيعمل على تغيير الوجه الحضاري للمدينة، كما يهدف لتحقيق أمور سياسية وأيدلوجية ومادية لدولة الاحتلال.
ويقول أبو دياب لـ”عربي٢١” إن القطار سيبدأ من الجزء الغربي من القدس عند بداية محطة القطار العثماني التاريخي باتجاه الجزء الشرقي من المدينة؛ حيث سيعمل على تشويه المعالم الواقعة بين المنطقتين المحتلتين عام ١٩٤٨ و١٩٦٧.
ويضيف: “الاحتلال يريد إخفاء المعالم وهدمها: ولكن يصعب عليه هدم الأقصى فيقوم بحجب الرؤية عن هذه المعالم؛ بحيث أن أي شخص من سلوان ورأس العامود والشيخ جراح وواد الجوز وجبل الزيتون حين ينظر لهذه المعالم سيقوم القطار بحجبها، فهو يريد حاجزا ليحجب الرؤية عن هذه المناطق، وبالتالي فهو يستهدف عقلية الناس في إبعادهم عن هذا المعلم”.
ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال يعمل من ناحية ايدلوجية يريدها وهذا القطار جزء من ذلك؛ وأن جمعية استيطانية تسمى “إلعاد” وجدت لطرد الفلسطينيين والاستيلاء على المعالم العربية والإسلامية، لافتا إلى أن ١٨٪ من المشروع تموله الجمعية بالإضافة للعديد من الجهات الإسرائيلية.
ويشير إلى أن الاحتلال يريد إقامة العديد من المشاريع التي تهدف لعدم عودة المنطقة للوراء؛ بل لتحطيم الإرث الحضاري ووضع مشاريع دائمة لا يمكن إعادتها للوراء من أجل تشويش المعالم.
ويلفت أبو دياب إلى أن من أهم الأهداف التي يسعى لها الاحتلال هو تسهيل وصول عشرات الآلاف من المستوطنين يوميا عبر العربات المعلقة؛ حيث تقوم بنقل ١٠ آلاف خلال نصف ساعة إلى منطقة الجزء الشرقي وحائط البراق لزيادة المقتحمين للأقصى؛ وهو هدف آخر يحدث خللا في التوازن الديمغرافي؛ وذلك من خلال تسهيل الوسائط أمام نقل المستوطنين.
وحتى من الناحية الصحية والبيئية يحمل القطار التهويدي خطرا على المقدسيين، فبحسب أبو دياب سيعاني الفلسطينيون الذين يقطنون في دائرة قطرها أكثر من ٢٠٠ متر من أثر موجات كهرومغناطيسية أكد علماء بيئة دوليون ضررها الصحي الهائل لمن يعيش بشكل دائم في المساحة التي يقام فيها القطار.
وإضافة إلى كل هذه الأضرار يؤكد أبو دياب بأن منطقة القصور الأموية ومقبرة باب الرحمة ستكون مكانا لإنشاء قواعد للقطار بالإضافة لقواعده في مسرح الخان مرورا بواد الربابة وحي باب المغاربة؛ حيث ستقام ١٦ قاعدة بنية تحتية لتغيير المنطقة بشكل كبير.