دقت الساعة الرابعة فجراً.. وأزاح بطلنا عنه الغطاء.. مسح وجهه بالرحمن وتعوذ من الشيطان ليبدأ يوم الجمعة بعمل يرضى الرحمن… نزل من بيته متوشحاً بيقينه وايمانه بالله.
هم شباب أرادوا إعادة نبض الحياة إلى البلدة القديمة في نابلس، وتضامناً منهم مع المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي أبرز مقدسات فلسطين … فكانت مبادرة “الفجر العظيم”.
الفكرة انطلقت من المسجد الابراهيمي، وذلك للتأكيد على إسلامية المسجد وهويته، ولحمايته من الأطماع الصهيونية في محاولة للحفاظ عليه من عمليات التهويد المستمرة والاقتحامات الصهيونية، والتي كان أبرزها زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمحيط المسجد في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
وفور تلقف أبناء نابلس الفكرة، وأعلنوا قبل نحو شهر عن أول صلاة في مسجد النصر بالبلدة القديمة، تحت عنوان “الفجر العظيم”. هذه الجمعة كانت “جمعة الإخلاص”، وسبقها جمعة النصر وجمعة أصحاب الهمم وجمعة الوحدة.
بث روح الأمل
يقول حسام المصري أحد القائمين على مبادرة الفجر العظيم حسام المصري: “ذلك الركود في البلدة القديمة في نابلس وانخماد النور بين جنباتها واليأس من التزام أهلها بصلاة الفجر في مساجدها دفعنا لإطلاق المبادرة لإعادة بث روح الأمل في تلك الأزقة والمساجد التي طالما انتظرت لتحضن أولادها تحت راية واحدة وهي الإسلام لتبث في روحهم الاخوة والمحبة والوحدة”.
وتابع “هذه المبادرة (فجر نابلس العظيم)، ذاتية من مجموعة من الشباب الغيورين على طاعة الله وحب رسوله، ونابعة من حرصهم الدائم على اظهار مدينتهم بصورة مشرقة، وزرع بذرة الأمل في قلوب أهل هذه المدينة الطاهرة التي اعيتها الخلافات وهموم الحياة”.
توحيد النفوس
من جهته، قال الشيخ أحمد عواد “لم تكن هذه المبادرة إلا من أجل توحيد النفوس الطيبة التي اجتمعت على حب الله ورسوله ومن ثم حب مدينتهم العريقة الأصيلة، بعيداً عن أي تشكيل أو تنظيم مع كامل الاحترام للجميع، فنحن أولا عبيد لله وأتباع لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ما انحنت جباهنا إلا لله، ولن نسجد لأحد غير الله، لأن الانحناء والسجود لله عز وجل فيه العزة”.
ومن أجل هذا، لاقت الحملة اقبالاً كبيراً من جميع الفئات العمرية شيباً وشباناً، بالرغم من برودة الطقس.
كما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الداعمة والمؤيدة للمبادرة.
وعلق أحدهم على صفحته على” فيس بوك” قائلا” ليست صلاة جمعة ولا عيد، إنها صلاة الفجر العظيم من مسجد النصر، ضاق المكان الواسع بالمصلين، حتى صلوا على الأدراج والساحة الخارجية، تراصوا بقوة وقربت المسافات بين الصفوف حتى اصطدمت الرؤوس بالظهور حين السجود، والأجواء الايمانية تظهر أن الخير لا يزال متجذراً في هذه المدينة حباً ونصرة وتضامناً مع المسجد الأقصى الحزين، وحين تكون الصلاة أضعف الايمان”.
تحدي الاحتلال
ونُقل عن رئيسة وزراء الاحتلال السابقة “غولدمائير” قولها ذات مرة: “إذا رأيتَ المسلمين في صلاة الفجر مثل صلاة الجمعة فاعلم بأنَّ نصرهم قد اقترب”. يعلق أحدهم
“صدقت وهيَ الكذوبة”.
منشور وصف منظر آلاف المصلين في مسجد النصر، بقوله” أقسم بالله العظيم بأنَّ هذهِ الصورة مُبكية جداً، بكاء فرح، بكاء عزّة، بكاء نصر قادم بإذن الله”.
وعلق الشاب سعدي قائلا ” نابُلس العظيمة، في مثل هيك أجواء.. النفوس والأرواح حلقت بهجة بالجموع الغفيرة، فكيف ستكون المشاعر بصلاة التحرير بالمسجد الأقصى المبارك!؟”.
أما عن لهفة المصلين وحرصهم على بعضهم فعلق أحد المواطنين عبر الفيس بوك “اليوم عند نزولنا إلى الصلاة في مسجد النصر تفاجأت من كمية ثقافة الأخوة بين الناس! تهافت حقيقي على الأجر وكأنها مسابقة بين المصلين، ما بين حد يقلك تعال عمي صلي جمبي هون في وسعة، وحد يعطيك لفحته او سترته بعز البرد عشان ما تسجد ع الأرض. صلينا عالدرج وسندنا بعض حتى ما حد يوقع”.
ضيافة المصلين
وعن الأطعمة والحلويات النابلسية التي قدمت في تلك الأجواء، اضاف “وعندما انتهينا من الصلاة تفاجأت من كمية الطعام والحلويات والمشروبات التي قدمت للمصلين بتبرع سخي من غيورين على دينهم. وكل ذلك لا يساوي شيئا مقابل لهفة الناس ع بعض وتهافتهم ع الأجر، الحمد لله على نعمة فلسطين ونابلس ونعمة الاسلام قبلهم، اليوم شعرنا اديش الاسلام حلو وفيه وحدة وترابط”.
بداية الالتزام
حتى أن تلك المبادرة شجعت البعض على أداء الصلاة.
فقد نشر أحدهم” لست من رواد المساجد بكثرة، لكنني سعدت بهذا الصباح … وسأكررها دائما”. وهذا يعد من أهم الأهداف التي ارادت الحملة تحقيقها.
فلسطين الآن