يتقدم حزب جبهة العمل الإسلامي من الشعب الأردني بأسمى آيات التهنئة والتبريك في الذكرى السادسة والستين لقرار تعريب الجيش وإلغاء المعاهدة البريطانية وإنهاء الانتداب البريطاني لتستمر مسيرة التضحيات التي بذلها أبناء شعبنا الكريم وجيشه العربي لتحقيق الاستقلال، وبناء الأردن ليكون عزيزاً حراً كريماً قوياً بشعبه وأمته، كما نستذكر في هذه المناسبة العزيزة على قلب كل أردني حر تضحيات الجيش العربي الذي يشكل درع الوطن الحصين ونترحم على شهدائه الذين ارتقوا دفاعاً عن الأردن وفلسطين.
تأتي هذه الذكرى في وقت يعيش فيه وطننا الحبيب حالة من الاعتداء الصارخ على السيادة الوطنية من خلال ما يسمى باتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة التي شكلت غطاءً للتواجد العسكري الأمريكي في نحو 15 قاعدة عسكرية على أرض الوطن واستباحته للأرض والأجواء الأردنية دون أي قيود، ومساساً بحقوق المواطنين بما يخالف القانون والدستور، ما يمثل تفريطاً بدماء شهداء الأردن والعودة لشكل جديد من أشكال الانتداب الأجنبي الذي قاتل الآباء والأجداد لإنهائه وتحقيق السيادة الوطنية، الأمر الذي يتطلب وقفة عز وطنية للدفاع عن هذه السيادة، وإلغاء الاتفاقيات التي تهدد وتنتهك استقلاله.
تمر هذه الذكرى فيما تمر الدولة بحالة إضعاف وتراجع لدورها على المستوى العربي والإقليمي والدولي نتيجة الارتباط بتحالفات واتفاقيات دفع الأردن إليها نتيجة ضغوط خارجية وفي مقدمتها اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة واتفاقيتا استيراد الغاز واتفاقية الماء مقابل الكهرباء المجحفة بحق الوطن والموقعة مع العدو الصهيوني والتي تأتي خلافاً لاحتياجات الأردن وبما يخدم مصالح المشروع الصهيوني، وذلك استمراراً في النهج الذي كرسته مرحلة ما بعد اتفاقية وادي عربة المشؤومة من تفكيك لمنجزات الدولة وإضعاف لمؤسساتها وتكبيل استقلالها السياسي والاقتصادي لإضعاف الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني واستحقاقاته التي تهدد الوطن دولة وقيادة وشعباً.
كما تأتي هذه المناسبة في وقت يواجه فيه وطننا الحبيب تفاقم الأزمات الداخلية في مختلف المجالات، فمن تدهور للواقع الاقتصادي وتفاقم لعجز الموازنة والمديونية العامة لتبلغ (114 %) من الناتج المحلي الإجمالي واستمرار لنهج الجباية على حساب جيب المواطن الذي أثقلت كاهله سياسات رفع الأسعار والضرائب، وتفاقم مشكلة البطالة وارتفاع معدلات الفقر في ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة لمعالجة ما يعتري هذا الواقع الاقتصادي المؤلم، إضافة للتراجع الكبير في مختلف القطاعات الحيوية في الأردن وفي مقدمتها الصحة والتعليم نتيجة ما تشهده مؤسسات الدولة من اختلالات وترهل وتفاقم لحالة الفساد الإداري والمالي الذي بات ينخر في مؤسسات الدولة، إضافة لتفاقم المشاكل الاجتماعية وارتفاع معدلات الجريمة، وتفاقم الحملة الممنهجة التي تستهدف مؤسسة الأسرة وقيم المجتمع وثوابته وتسعى لتغيير هوية الأردن العربية والإسلامية.
ورغم تصاعد التصريحات الرسمية حول مساعي تحقيق الإصلاح، فإن النهج الرسمي القائم لا يزال يمارس مزيداً من سياسة تجريف الحياة السياسية والحزبية وتفريغها من مضمونها، لا سيما عبر ما جرى من تعديلات دستورية قوضت الولاية العامة للحكومات وغيرت من شكل النظام الدستوري نحو حالة من الملكية المطلقة، واستمرار التغول الأمني على السلطات وعلى الحياة السياسية والحزبية والتلاعب بالإرادة الشعبية في مختلف الاستحقاقات الانتخابية من انتخابات نيابية وبلدية ولا مركزية وصولاً للانتخابات النقابية، والتضييق على الأحزاب والنقابات المهنية، وتراجع الحريات العامة وحرية الصحافة ومواصلة نهج الاعتقالات السياسية وتكميم الأفواه، الأمر الذي أضر بصورة الأردن على المستوى الدولي، لا سيما في ظل تواتر التقارير الدولية التي تؤكد تراجع ترتيب الأردن في مختلف المؤشرات وتصنيفه كدولة سلطوية وغير حرة.
لذا فإن ما يمر به الوطن من تحديات يتطلب مراجعة عميقة وجادة للنهج القائم في إدارة شؤون البلاد وإنتاج معادلة جديدة للعلاقة بين النظام السياسي والشعب، بما يؤسس لمرحلة جديدة يكون الشعب فيها شريكاً فاعلاً في عملية صنع القرار، ونؤكد في هذا الصدد على ما يلي:
1. المطالبة بإلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة واتفاقية استيراد الغاز واتفاقية الماء مقابل الكهرباء الموقعة مع العدو الصهيوني، وإخراج القوات الأجنبية كافة من البلاد.
2. إن ما يجري من تمرير لاتفاقيات الغاز والماء مقابل الكهرباء الموقعة مع العدو الصهيوني وتحت ظل اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة يمثل تمريراً لصفقة القرن التي تشكل تهديداً خطيراً للأردن دولة ونظاماً وشعباً.
3. إن ما شهدته المنطقة والعالم ويشهده حالياً من أحداث يؤكد أن التحالف مع الولايات المتحدة لا يشكل حماية للدول بل عبئاً عليها في ظل سياسة تخلي واشنطن عن حلفاءها، وأن عنصر القوة الرئيس لأي دولة هو عبر التحام الإرادة الرسمية مع الشعبية، وهو يشكل عنصر القوة الرئيس للأردن في وجه التحديات والتهديدات.
4. إن مجلس النواب مطالب بالاضطلاع بمسؤولياته والانسجام مع الإرادة الشعبية بالحفاظ على سيادة الأردن ورفض أي اتفاقيات من شأنها المساس بالسيادة الوطنية ومصالح الأردن العليا ومصالح الأمة العربية والإسلامية. إن ما يمر به وطننا الحبيب من تحديات إقليمية وداخلية حرجة ودقيقة يتطلب من أصحاب القرار وقفة جادة مدركة لخطورة الاستمرار في النهج القائم في إدارة الدولة، وتستشعر الخطر الذي يهدد مستقبل الأردن والأردنيين، ما يتطلب مرحلة جديدة عنوانها نهج لشراكة حقيقية تجمع الكل الوطني بما يحقق حماية الوطن وتحقيق رفعته وكرامة مواطنيه ومستقبل أبنائهم.