العلاقات العربية العربية تحكمها السياسة ولا شيء غير السياسة.
قد يكون هذا هو حال جميع الدول، حتى تلك التي يبدو لنا أن علاقاتها قائمة على الاقتصاد كالاتحاد الأوروبي، فتلك العلاقات الاقتصادية جاءت لخدمة السياسة.
غير أن ما يميز العلاقات العربية العربية هي طبيعة السياسة التي تحكمها؛ فهي غالبا -وللأسف- سياسة شخصية أكثر منها سياسة دولة. وهي غالبا سياسة تدور حول مصالح النظام الحاكم أكثر مما تدور حول مصالح الدولة ذاتها.
لا يهم غالبية الدول العربية أن تكون الدولة ضعيفة إذا كان النظام قويا في الداخل، لكنها طورت، وللأسف، نظرية سياسية مفادها تماهي الحاكم في الدولة، بحيث لا يمكن ولا يجوز التمييز بين الحاكم وبين الدولة، بل في بعض البلدان يجرم من يميز بينهما؛ فالحاكم هو الدولة والدولة هي الحاكم، ومن هنا فإن كان الحاكم قويا بالداخل، فإن ذلك يعطيه انطباعا أن الدولة قوية في الداخل والخارج، لا بل إنه يعتقد أنه محور العالم، وهي الصورة التي يجتهد أن يسوقها بين أبناء شعبه!!
المفارقة أن هذه المنطقة من العالم لديها أكثر عوامل الوحدة بين كل مناطق العالم؛ تاريخ ولغة ودين واحد، إلى جانب ما حباها من موارد ضخمة، لكنها أكثر المناطق في العالم فرقة بحكم السياسات التي ينتهجها حكامها!!
يمكن للدول العربية أن تشكل فضاء اقتصاديا واحدا، ويمكنها الاستفادة القصوى من موقعها الجغرافي وعكس ذلك كقيمة سياسية عظمى، يمكنها أن تشكل فضاء ثقافيا وحضاريا، يمكنها أكثر من ذلك، لكن طبيعة العلاقات التي تحكمها السياسة القاصرة والمتمركزة على ذات الحاكم تمنعها، وما دروا أن التحرر من تلك السياسة والانطلاق إلى فضاء أرحب سيعزز مكانة الحاكم أكثر.