العالم بعد معركة كورونا

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. رامي عياصرة

نعم هي معركة البشرية مع هذا المرض التي لها أبعاد عدة صحية ابتداء ثم اقتصادية واجتماعية وكذلك سياسية. العالم ما بعد كورونا ليس كما هو قبله، فالمدى الزمني المتوقع الذي سيستغرقه المرض للانحسار من العالم سيأخذ الى نهاية هذا العام 2020 على أقل تقدير.

خلال هذه الأشهر هناك مؤشرات عديدة على آثار وتغيرات عالمية ضربت أسواق المال وكبدتها خسائر كبيرة أدت الى اتخاذ قرارات قاسية تمثلت باغلاقها خوفا من مزيد من التدهور.
علاوة على الاضرار الكبيرة التي ستلحق بجميع القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية الأخرى بسبب تباطؤ حركة التصدير والاستيراد بين الدول.
اسعار النفط بدورها تهاوت الى أقل مستوى منذ 17 عاما مضت بسبب تراجع الطلب، مما دفع الى صراع بين الدول المنتجة بالذات بين السعودية كأكبر مصدر وروسيا التي اعتبرتها سياسة امريكية تستهدف اقتصادها تنفذها من خلال حلفائها.

ترامب تحدث صراحة انه يسعى الى احتكار الدواء المضاد للمرض في مؤشر واضح الى التنافس التجاري الطبي، وهو يعلم بأنه في سباق مع الصين لتصنيع الدواء الذي سينقذ العالم من هذا الوباء الذي دخل معظم دول العالم .

الصين وروسيا كانت اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها هي من نشرت الفيروس ومن مختبرات تقودها وتشرف عليها ضمن حرب بيولوجية لضرب اقتصاد الصين.
بكل الأحوال هذه الفرضية بحاجة الى تحقق واختبار لمعرفة صحتها من عدمه.

الصين بعد أن كانت بؤرة المرض في العالم بدأت بالتعافي واعلنت انحسار المرض وتراجع أعداد الإصابات عندها وهي في طريقها لإعلان الانتصار على الوباء.
وهذا انجاز كبير بدأت الصين تفخر به بالتزامن مع انتقال بؤرة المرض الى اوروبا وتحديدا في ايطاليا واسبانيا وفرنسا وغيرها بالاضافة الى زحف الوباء الى الولايات المتحدة ذاتها.

ما يظهر الى الآن أن الصين حققت تقدما على الولايات المتحدة في التعامل مع وباء كورونا داخليا والأهم منه خارجيا ، فوفق تقارير صحفية تقدم الصين اليوم المساعدة للعديد من دول العالم التي استغاثت بها وبقدراتها الطبية وخبرتها في هزيمة المرض مثل إيطاليا وإسبانيا، ودول أخرى تجري مباحثات معها مثل بلجيكا واليونان والبرتغال وذلك بعدما ترجمت السلطات الصينية تعهداتها الى واقع ملموس في مجال التعاون الدولي، فقد أرسلت معدات وفرقا طبية الى عدد من الدول سواء القريبة منها مثل اليابان وكوريا الجنوبية أو أخرى مثل العراق وإيران.

اذا ما اضفنا الامتعاض الاوروبي من امريكا ترامب من عدة ملفات سابقة مثل الانسحاب من اتفاق الاحتباس الحراري بشكل احادي، وكذلك انفراده في نقل سفارة بلاده الى القدس واعلانه عن خطته لانهاء القضية الفلسطينية بما يخالف القرارات الاممية والشرعية الدولية، وتعامله مع حلفائه على انهم اتباع بدلا من كونهم شركاء، كل هذا يعزز مصداقية الصين التي باتت اليوم هي محط أنظار العالم في ظرف استثنائي دقيق وحساس تفوقت به على امريكا ترامب الذي لازال يتعامل مع الوباء بتوجس واضح، واذا ما صدقت الأخبار بأن الصين فعلا اكتشفت الدواء لكورونا فاننا قد نشهد في قادم الأيام طلبا امريكيا من الصين باعطائها دواء المرض او قد تطلب الخبرات الصينية للتعامل مع الوباء إذا ما استفحل.

اذن نحن أمام مشهد عالمي استثنائي قد يكون له ما بعده في إحداث تغيرات ولو بمقدار على موازين القوى العالمية وإعادة رسم خارطة التحالفات والتقاربات الدولية، كل هذا يرسم تحت وقع 200 الف إصابة حتى الآن مع توقعات أن يصل عدد المصابين في هذا الوباء العالمي الى اعداد كبيرة تصل الى 80% من عدد سكان بريطانيا و 70% من عدد سكان المانيا وذلك بحسب تصريحات رسمية، وقد تصل النسب الى ما هو أكثر من ذلك في ايطاليا واسبانيا وفرنسا.
في حين بلغ عدد الوفيات في العالم حتى هذه اللحظة أكثر من 8000 انسان منهم 684 حالة في الساعات الـ24 الأخير.
المثير في هذا المشهد أن القادة الاوروبيين يقولون بصراحة أن القادم من جراء هذا الوباء اسوأ.

اذن نحن أمام تبدل وتحول عالمي اقتصادي وسياسي يسببه هذا الوباء، ولا شك أن العالم بعد كورونا لن يكون كما كان قبله.
هذا على فرض أن عام 2020 قد توقف عن طرح المزيد مما في جعبته من مفاجآت بدت منه الى الآن.

اكتب تعليقك على المقال :