يشعر الصهاينة في كل مكان اليوم بنشوة الانتصار، فما يحققه جيش العدو في لبنان ربما فاجأ العدو نفسه.
لا شك أن الكيان كان يخطط لهذا منذ زمن، فاستراتيجيته واضحة تماما: القضاء على أي مصدر تهديد مهما كان.
وضع العدو كل موارده وإمكاناته العسكرية والاقتصادية والأمنية والجاسوسية وعلاقاته الدولية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.
الخطورة تكمن في أن تحديد تعريف التهديد يتحكم فيه العدو ذاته، فهو قد يوسع هذا التعريف أو يضيقه بحسب مصالحه وبحسب الفرص المتاحة.
يعقب المفكر الفرنسي اليهودي برنارد هنري ليفي على الأحداث الجارية بلبنان بالقول “إن الشرق الأوسط في كثير من الأحيان عبارة عن كيان متماسك لا يتغير إلا القليل. أما اليوم فقد أصبح كياناً سائلاً وقدرة على إعادة تشكيله غير محدودة، فلا ينبغي لنا أن نضيع هذه اللحظة”.
ذاك الكلام استشهد به اليهودي الأمريكي وعراب اتفاقيات التطبيع وصفقة القرن، جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي دعا بشدة العدو الصهيوني للاستمرار في عدوانه واجتياح لبنان “لإكمال المهمة”، طالبا من الولايات المتحدة أن تقف معه وتدعمه.
لا يخجل كوشنر أن يقول إن “هذه اللحظة مناسبة للوقوف إلى جانب الأمة الإسرائيلية” التي يزعم أنها “ساعية إلى السلام”!!
في منشوره الطويل لا يتحدث كوشنر سوى عن الكيان والتهديدات التي تحيط به وضرورة التخلص منها وإلى الأبد، لكنه يتعمد تجاهل أن سبب كل المشاكل في المنطقة هو الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية، ويتعمد تجاهل طموحات الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير، ويتعمد تجاهل الاستيطان الذي يراه مشروعا، ويتعمد تجاهل إرهاب المستوطنين وجيش الاحتلال في الضفة الغربية، كما يتعمد تجاهل الاقتحامات والانتهاكات بحق المقدسات والمسجد الأقصى المبارك.
إن السيولة التي تعاني منها المنطقة اليوم، والتي يراها صهاينة مثل كوشنر وليفي تعني يجب استثمارها بإزالة أي تهديد للكيان ومطامعه وإلى الأبد ، وتتويج الكيان ملكا على المنطقة وتسليمه كافة مفاتيحها عبر تقاطر الدول العربية والإسلامية للتوقيع على صفقة القرن بالمقاس الصهيوني، ودفن مطالب وأحلام الفلسطينيين بحق تقرير المصير ودولة مستقلة على أراضيهم وعاصمتها القدس الشريف.
بحسب منطق كوشنير فقد نصل إلى أن مطالبة الفلسطينيين بحقوقهم بأي شكل من الأشكال يهدد أمن وسلامة “الأمة الإسرائيلية”!! وما عليهم وعلى العرب سوى انتظار ما يجود عليه الكيان من فتات.