أختاه المسلمة أما كنت أو زوجة أو أختا أو بنتا للحر المجاهد، تذكري الغاية التي من أجلها فضل ابنك أو زوجك أو أخوك أو أبوك أن يصبر علي المحنة، وألا يعطي الدنية في دينه ووطنه وشرعيته، وهي إرضاء الله تعالي، بالدفاع عن دينه وشريعته ومنهجه، وتبليغ دعوته للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصرة الحق والمبدأ، ومساندة المظلوم، ومقاومة الظلم والبغي والعدوان، وتحرير الأوطان من الفساد والاستبداد والتبعية؛ فكوني له عوناً علي تحقيق هذه الغاية النبيلة؛ لتكوني شريكة له في المكرمة والأجر، واصبري معه مهما كانت التضحيات؛ فإن الثمن يستحق: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ (آل عمران: 195).
أختاه السابقة للمرأة في التاريخ الاسلامي دور بطولي رائع تشهد له ساحات النضال في المواجهة المستمرة بين الحق الباطل فهذه مريم العذراء الرافضة الثائرة، الصارخة في وجوه بني اسرائيل، و آسية امرأة الطاغية فرعون، المؤمنة بموسى عليه السلام، الشهيدة في سبيل الحق الرافضة لحياة البدخ والترف والذات الخسيسة، و خديجة أم المؤمنين التي أعطت ما لله لله وما لقيصر لله آزرت وساندت وثبتت زوجها النبي تمده بالثقة في كل وقت وحين وضحت بمالها وحياتها من أجل الدعوة والمستضعفين و فاطمة الزهراء الإبنة البتول التي جاهدت و وقفت إلى جنب أبيها تدافع عن الإسلام، وعن رسول الله الأذى من أيام صغرها، وكانت من اللواتي عانت من ذاك الحصار الظالم في شعب أبي طالب … و زينب صوت الثورة التي رفضت أن تستسلم لليأس والحزن والإرهاب، وانشغلت عن النفس بالناس وعن الاولاد بالعبادة. و هذه نسيبه تخرج مع رسول الله تداوي الجرحى، وكان ابنها معها، فأراد أن يتراجع فحملت عليه فقالت : يا بني إلى أين تفر عن الله وعن رسوله؟، فردته فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سيف إبنها فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته و رفيدة الأسلمية أول ممرضة بالإسلام؛ تنصب المشفى الميداني لعلاج المرضى وتدعم المؤمنين نفسيا و اجتماعيا و أم المؤمنين عائشة ربع العلم الشرعي في عائشة؛ يسارع الصحابة إليها لاستفتائها في الفقه وتفسير القرآن.و نسيبة المازنية تدافع بسيفها حتى جرح كتفها و القائمة تطول .
و اليوم الأخوات المسلمات في كل بقاع الأرض يضربن أروع الأمثلة في الثبات و التضحية و الصبر أمثال أمهاتهن الصحابيات المؤمنات فتجد المجاهدة في فلسطين ومصر و تونس والجزائر و السودان و في كل البلدان … خرجت العوائل بأكملها تلتحف السماء في ساحات التحرير، وتفترش الأرض من أجل رحيل كل نظام قمعي ، و خرجت النساء مع الرجال ، و ملئت الطرق بالمسيرات النسوية المحجبة و معلنة استمرارها في هذه المسيرات ، تهتف ضد الظلم وتطالب بالحرية والعدالة ، و وقفت في ساحات الشهداء و كان لهن السبق في الشهادة، و كان لهن أعظم مشهد حضور في صلب خيام الاعتصام ، وكان ثباتهن ومشاركتهن من أقوى دوافع الصمود والاستمرار وهن اليوم يتعرضن إلى شتى أنواع التعذيب الجسدي ، والنفسي ، والسجون ، والمضايقات ، والطرد من الوظائف ، ومع ذلك فهن صابرات لم تغيرهن العواصف ، ولا تخيفهن آلة التعذيب.
فإن للمرأة المسلمة بالأضافة إلى دورها العادي دور السبق وتحمل المسؤولية، فكم من امرأة مؤمنة أسقطت عرش طاغوت، وكم من امرأة ثائرة عرت حكم ظالم وأسقطت عنه القناع. و كم كان لها دوراً كبيراً في انتصار الأمم والشعوب ،و كن سبباً في خلق الشجاعة عند الرجال، وكل انتصار يعود إلى النساء قبل الرجال فهي التي تدفع بالرجل إلى ساحة المواجهة ، وتحرك فيه روح الثورة والمقاومة.
اختاه راية الإسلام بيدك
كوني نصيرة الله وأغلقي الأبواب على الأرض لتتفتح لك أبواب السماء، ارتفعي عن السفاسف، و الشهوات التي تسحق الفضيلة و اقطعي علاقات التوافه وأقيمي علاقات الجد و العمل مع أخوات الدعوة و الرسالة لتستردي كرامتك . واعتزي بالحجاب واجعليه تحدياً لكل طاغوت (سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي…) و تحولي معه إلى كتلة للنشاط والحيوية فليس الحجاب سجناً للمرأة ومقبرة لكفاءاتها، بل هو وسيلة للتحرر والانطلاق والعمل، و كوني كما عهدناك المرأة المجاهدة التي تبحث عن أية ساحة للنضال فلا تحاولي أن تكوني شيئاً ثميناً ولا حتى شخصاً ثميناً، بل كوني صاحبة الدور الثمين.
أختاه إياك أن تنهزمي، فإن أقوى أسلحة الاستعمار لهزيمة الشعوب هو “هزيمة المرأة” فإذا كانت المرأة مهزومة، فأي جيل ستربينه غير جيل من المهزومين؟ وكوني صانعة المستقبل وادخلي المعترك النضالي، فإن الجهاد واجب أساسي من واجباتك، والعصر الذي تعيشينه هو عصر الهجمة الكافرة على الاسلام.
كوني رمز الرفض ومشعل التغيير، وتأكدي أنه سقط كثير من الطغاة حينما واجهوا رفض كثير من المؤمنات الصادقات وقبضاتهن الحديدية.و اخرجي من الدوائر الضيقة و مارسي دورك الذي أراده الله لك في خلافة الأرض وعمارة الحياة ولا تنتظري أن يقدم لك الرجال دوراً تؤدينه، بل انتزعي احترام الرجال بعزيمة الرجال واكتسبي قوة الرجال بصمود الرجال، وامنعي ظلم الرجال بإرادة الرجال، واعلمي أن المرأة تستطيع أن تعمل الشيء الكثير، وأن تساهم في العمل الخلاق، وأن المرأة تكون عظيمة حينما تعرف أنها عظيمة حقاً.
ليس واجبك مجرد تربية الاولاد -كما يقولون- فإن التربية مسؤولية مشتركة بينك وبين الرجال، بل واجبك هو واجب الرجل في كل ميدان.. فلا تقبلي بدور هامشي أو ثانوي، وانزعي روح التبعية والتقليد والبسي ثوب الريادة والاقدام، ولا تستوحشي في طريق الهدى لقلة سالكيه. و تزيني بحب المساكين وغذي وجدانك بالعطف على العوائل الفقيرة و أصحاب الحقوق المحتاجة إلى عوائل و لا تستجيبي لتثبيط الأهل والأقرباء والصديقات عن المضي في طريق الجهاد والنضال فإن رضى الله فوق رضى المخلوقات وليس لأحد عليك ولاية حينما تتعارض مع حكم الله.
طالعي كثيراً، انقدي كثيراً… لكن فكري أكثر. فإن تفكير ساعة خير من عبادة سبعين عاماً . نمي وعيك السياسي بمطالعة الكتب السياسية ومتابعة الأحداث اليومية وربط العلاقات بالواقع، لأن العارفة بزمانها، الواعية لظروفها لا تهجم عليها الغوائل ولا تفاجأ بالأحداث.
أختاه اجعلي بيتك قبلة، ينظر إليه الناس كما تنظر السفن في لجة البحر إلي المنارات الهادية، وكما ينظر المريض إلي الأدوية الشافية، فبيوت المجاهدين هي النواة الصلبة في المجتمع، ترفع الراية، وتصون العهد، وتبث الأمل، وتطرد اليأس، وتقاوم الظلم، وتستفرغ الوسع في توعية الأهل والأقارب والجيران والمعارف بتحديات المرحلة، ومكائد الأعداء، وتقدم القدوة والمثل والنموذج، في العطاء والوفاء، والبذل والتضحية، والبر والصلة، ومكارم الأخلاق، وحسن المعاملة. مع الصبر الجميل والنفس الطويل والتلطف بالمخالفين والمخدوعين والشامتين ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾(فصلت: 33 – 35).
احرصي أن تكوني مثالاً يحتذي في كل ما يصدر عنك من تصرفات، سواء داخل المنزل أو خارجه، وفي تربية أبنائك، أو تعاملك مع الجيران، أو تواصلك مع أهلك وأهل زوجك، واضبطي مشاعرك ولسانك، وانتقي أفضل الألفاظ في المواقف المختلفة، عند زيارة المعتقل، وعند توديع الشهيد، وعند مهاتفة المطارد، وعند مقابلة من هو أكثر منك بلاء، وتعاهدي الصابرات المحتسبات من أمثالك بالسؤال والتفقد والمواساة، فإن المصائب يجمعن المصابينا، والمحن تقرب القلوب، والمواساة تخفف الألم، وأخلصي النية لله؛ فالإخلاص روح العمل، واستصحبي معك نية الجهاد والمرابطة في كل حين، واحذري أن يري الناس منك ضعفاً وهلعاً، أويلمسوا فيك يأساً وقنوطاً وإحباطاً، فإن ذلك يؤلم الصديق ويسعد العدو، ويفت في عضد الأخريات، ولا يزيل من ألمك شيئاً، وأحسني الظن بالله وثقي بوعده ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (الشرح: 5 – 6).
تقبل الله عملك و جهدك و سعيك و بارك عملك و رضي عنك وجمعك مع نبيه في جنات عدن مع أمهات المؤمنين الصحابيات الصادقات و و الصالحين و الشهداء و حسن أولئك رفيقا