معناها: تعرف بأنها الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الاجراءات.
وخطرها الموجه إلى الدول أو الاشخاص المعادين أو الاصدقاء أو المحايدين بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بطريقة تسهل الوصول للأهداف الموضوعة ، ويجمع الخبراء على أنها أقوى أسلحة الصراع أثراً في تحقيق النصر بسرعة وبأقل الخسائر في الأرواح والمعدات عن طريق تجريد العدو أثمن ما لديه وهي إرادته القتالية عبر استهداف عقله وتفكيره وقناعاته وقلبه وصولاً إلى تحطيم روحه المعنوية.
صورها:
- الكلمة المسموعة أو المقروءة.
- الشائعات وهي من أخطر وسائلها.
- التهديد بوساطة القوة (تحريك الأساطيل، المناورات … الخ).
- الخداع عن طريق الحيل والإيهام.
- بث الذعر والتخويف والضغط النفسي.
- الإغراء والتضليل والوعد لاستدراج الجانب الآخر لتغيير موقفه.
ألوانها:
- الدعاية البيضاء:( نشاط الدعاية العلني أو الصريح (إذاعة ، وكالة أنباء، تصريحات).
- الدعاية الرمادية: واضحة المصدر ولكنها تخفي اتجاهاتها ونواياها وأهدافها كالكتاب الذي يحتوى على أوراق أو قصة أو رواية ولكنه يخفي هدفه بين السطور ( وهي أخطر الأنواع على الإطلاق).
- الدعاية السوداء : وهي الدعاية التي لا يكشف مصدرها مطلقاً فهي سرية تماماً كالخطابات والمنشورات التي ترسل إلى المسؤولين والناس وتخلو من التوقيع أو بيان مصدر مرسلها.
من أعظم الدروس التي تستخلص من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إدارته للصراع مع الأعداء أن استخدام العامل النفسي في الصراع ضرورة حيوية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية . فمن بين ثمان وعشرين غزوة قادها عليه السلام بنفسه نجد تسع عشرة غزوة حققت أهدافها بلا قتال وقد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجهاد باللسان كالجهاد بالنفس والمال في التأثير (موقفه من حسان بن ثابت).
تعد الاشاعة من أمضى أسلحة الحرب النفسية ومن أهم وسائلها في تحقيق أهدافها ، وقد برع عدونا الصهيوني في استخدام هذا السلاح منذ مؤتمر بال في سويسرا عام 1897 حيث حشد لهذا السلاح خبراء النفس واساتذة الجامعات ومنذ ذلك الوقت وهو يبث اشاعاته على ثلاث موجات:
- على صعيد الداخل: أي فلسطين والعرب عند بداية هجراته إلى فلسطين كان يشيع أنه لا يبتغي أكثر من المأوى والعمل وكان اليهود يلبسون هذا الدور (دور الحمل).
- على صعيد الغرب وأمريكا: فقد نشطوا في استخدام هذا السلاح لتهيئة الأذهان لميلاد دولتهم عن طريق ( أن هناك رأأااتنننكههتأرضاً بلا شعب هي فلسطين ، وشعباً بلا أرض هم اليهود حتى وصلوا إلى استصدار وعد بلفور) .
- على صعيد اليهود أنفسهم في جميع أنحاء العالم نشطوا في العزف على نغمة أرض الميعاد والأجداد وأن فلسطين ستمكنهم من القفز على بلاد العرب وأنها الأرض التي ستغدق عليهم المن والسلوى والسمن والعسل.
تعمل الإشاعة في تأثيرها البالغ على تدمير المجتمعات والأشخاص والهيئات فكم أقلقت من أبرياء ، وحطمت عظماء وهدمت وشائج وفككت من صلات وصداقات، وهزمت من جيوش ، وأثارت من بغضاء وشحناء وجرائم . وللإشاعة قدرة على تفتيت الصف الواحد والرأي الواحد وتوزيعه وبعثرته فالناس أمامها بين مصدق ومكذب ومتردد متبلبل.
لم يواجه المسلمون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطر كما واجه من خطر اشاعة حادثة الإفك ، ولولا لطف الله تعالى لأكلت هذه الفرية والاشاعة الأخضر واليابس. ولقد مكث المجتمع في المدينة شهراً كاملاً يصطلي بنار هذه الإشاعة حتى تدخلت عناية الله وبرأت ساحة أم المؤمنين عائشة منها ، ليكون في ذلك درس تربوي رائع للمجتمع المسلم ( لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم) سورة النور الآية (11).
تفنيد ومقاومة الاشاعة:
قد يتبادر إلى الذهن أن توفير المعلومات الصحيحة يطفئ الإشاعة ، ويضيق عليها الخناق ، وهذا تبسيط شديد للإشاعة ولعلاجها . فهذه الشائعات تكمن دوافعها في نفوس مروجيها وليس من السهل انتزاعها منهم.
وقد نبه القرآن الكريم باختصار إلى علاج الإشاعة من خلال رده على مفتريات الإفك واشاعات المنافقين حول البيت النبوي الطاهر فقال تعالى:
- (لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين ) سورة النور الآية (12) وهو ما أطلق عليه المرحوم سيد قطب طلب الدليل الداخلي . فالأصل إحسان الظن المتبادل بين المؤمنين والمؤمنات ما لم يثبت بدليل قطعي ما يخرم ويخدش هذه الثقة مصداقاً لقوله تعالى ” لولا جاءُا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأؤلئك عند الله هم الكاذبون) سورة النور الآية (13).
- ثم بيّنت سورة النور وسيلة علاج أخرى بعدم تداول الخبر فقالت ” ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم) سورة النور الآية (16) ، ذلك أن حياة الإشاعة في تناقلها وتداولها ، وموتها في عدم تناقلها وتداولها.
- ووسيلة أخرى للعلاج ، التطويق أو الهجوم غير المباشر ، بمحاربة مصدرها وتنحية هذا المصدر . فالعلاج القرآني يتلخص في التماسك الاجتماعي وتعزيز الثقة بين المؤمنين، وعدم إشاعة الفاحشة بينهم بعدم تناقل أخبارها . فالضبط اللساني الشديد أدب وخلق، حرصت تعاليم الدين على إيجاده بين المسلمين ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ” سورة الحجرات الآية (6) ، ” كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ”
لا بد عند الأزمات من تخصيص جهاز معين يضم خبراء ومختصين من جميع الفئات تكون مهمته دراسة ما يروجه الأعداء من حرب نفسية وإشاعات وردها من خلال أجهزة الإعلام المختلفة . وتتركز جهود هذا الجهاز في الأزمات ويستمر في الأوقات العادية ، وهذا الجهاز معني بتمثل الملاحظات والنصائح التالية:
- عدم الرد الفوري والارتجالي ، بل الدحض بعد المداولة والعرض على المختصين.
- ينبغي أن يكون الرد منطقياً مدعماً بالوقائع والأرقام.
- تجنب المغالاة إزاء الحالة المطروحة بالنفي المطلق مثلاً.
- تجنب نسبة كل الاشاعات للعدو ، لما يترتب على ذلك من تضخيم صورته في الذهن ، وعدم تصديق الجماهير لذلك باعتباره الشماعة التي يسهل تعليق الجهاز مشاكله عليها.
- ضرورة وضع الاشاعة في سياق انكاري قبلي وبعدي . بمعنى أن تحاط الاشاعة بدءاً وختاماً بالإنكار حتى يكون هناك تمهيد ذهني وتقرير فكري ، أما أن تعرض الإشاعة مباشرة وبشكل فجائي بلا تمهيد فقد تعلق بالذهن.
- تحطيم العبارة الأصل للإشاعة وذلك لأن الإشاعة في ألفاظها الأصلية ملفتة ومؤثرة ، فلا تعرض في ثوبها الأصل بل يعرض معناها .
- اهمال الإشاعات الخاملة فما كل إشاعة تستحق الرد والدرس.
- التزام الموضوعية في الرد.
- العرض الجاد للإشاعة لا على أنها مجرد تسلية أو فكاهة، مع التنبيه على ما تتضمنه من أخطار.
- 10. الحيطة في الرد والذكاء حتى لا يعمل الجهاز على نشر الإشاعة بدلاً من طمسها.
- اللجوء إلى الإشاعة المضادة لمقاومة أثر الإشاعة المستهدفة ، كما فعل نوح عليه السلام ” إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يُخزيه ، ويحل عليه عذاب مقيم ” سورة هود الآية (38- 39).