تعيد العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية المتوترة في هذه الآونة عشية تنفيذ خطة الضم، إلى الأذهان العديد من المحطات التي ترافقت مع السلطة الفلسطينية وجها لوجه، لكن التحدي اليوم أنها تتزامن مع وقف التنسيق الأمني بينهما.
ورغم ما تشهده الضفة الغربية من محاولات الطرفين لسد الفجوات بينهما، ولكن دون جدوى، لأنه في الشهرين الماضيين ترافق الحديث الإسرائيلي المتكرر عن خطة الضم في الضفة الغربية وتطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطناتها، مع الوضع الاقتصادي المتأزم في المنطقة، ووقف التنسيقين المدني والأمني بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”، وأخيرا اندلاع موجات جائحة كورونا، ومع كل ذلك مجتمعًا فإن المهمة الرئيسة لـ”إسرائيل” وأجهزتها الأمنية هي المحافظة على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية.
صحيح أن الضفة الغربية تشهد استقرارًا أمنيًّا لم يحدث في السنوات الأخيرة، رغم وقوع هجمات فلسطينية مسلحة، ونشاط إسرائيلي معادٍ، لكن الإسرائيليين يزعمون بوجود صلة مباشرة بين الوضع الإنساني في الضفة الغربية والاستقرار الأمني، ما يجعل الفلسطينيين يقررون ما إذا كان عليهم الخروج للتظاهر أم لا، هذا لا يعني أن الوضع الاقتصادي الجيد سيمنع اندلاع الحرب، فقبل انطلاق الانتفاضة الثانية كان الوضع الاقتصادي ممتازًا، لكنهم مضوا حتى النهاية.
التخوف الإسرائيلي أن الفلسطينيين كما كسروا الأدوات تجاه الإسرائيليين في فترات سابقة، فإنهم اليوم قد يندفعون باتجاه ذات المسار من جديد، لأن الحكومة الإسرائيلية حين بدأت الحديث عن تنفيذ خطة الضم في الضفة الغربية وغور الأردن، توقف التنسيق الأمني والمدني بين الإدارة المدنية والسلطة الفلسطينية حتى إشعار آخر، وباتت المؤسسات الفلسطينية منفصلة تماما عن نظيرتها الإسرائيلية، وبالتالي زاد التوتر بين الجانبين من أسبوع لآخر.
يشير الإسرائيليون إلى أنه من أجل تحقيق الاستقرار الأمني يمكن الإشارة لجهود منسق العمليات الحكومية في الأراضي المحتلة، ومئات الجنود والضباط وعمال الإدارة المدنية العاملين على مدار الساعة، بهدف التهدئة الأمنية للمنطقة، بزعم أن السلطة حين قررت وقف التنسيق المدني والأمني جعلت الواقع معقدًا للغاية.
على الصعيد الأمني، يبدي الإسرائيليون قلقهم أن التهديد الذي يحوم في الهواء قد يتطور، ويهدد الاستقرار الأمني في الضفة الغربية بسبب حادث صغير فقط، مظاهرة صغيرة يستشهد فيها فلسطينيون، أو هجوم استيطاني، أو جريمة ينفذها إرهابيون يهود، وتشكل جميعها تقاطعًا بين الأحداث.
كما أن النشاط المتنامي لعناصر اليمين الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين يعد أحد العوامل التي تؤثر في تقييم الوضع في الضفة الغربية، ولذلك فإن الوضع فيها يمر بوقت حساس للغاية، في بعض الأحيان تحتاج فقط إلى شرارة، قد لا تكون ذات صلة بكل هذه الأحداث، لكنها ستشعل الساحة، ما قد يوصل الأمور لفقدان السيطرة عبر الانتفاضة الثالثة.