ترجمة: موقع السبيل/ شبكة CNN
بقلم: كارا سكانيل (مراسلة تحقيقات القانون والجريمة والأعمال) و إيريكا أوردين
إذا لم تجر أمور الانتخابات الأمريكية كما يتمنى دونالد ترامب، فقد يواجه ترامب بعد انقشاع غبار النتائج مسائل أكثر جدية بكثير من كيفية حزم أمتعته ومغادرة الجناح الغربي في البيت الأبيض.
إنه بدون تلك الحماية التي يوفرها له موقعه الرئاسي، فقد يصبح ترامب عرضة للعديد من التحقيقات التي تتناول : احتمال قيامه باحتيال في تعاملاته التجارية المالية وخصوصاً بعد أن يعود إلى وضعية المواطن العادي – سواء تم ذلك له بصفته فرد عادي أو لشركته.
وقد يتعرض ترامب لعدة اتهامات جنسية رغم إنكاره للاتهامات التي ستوجهها له نساء يزعمن بأنه قد اعتدى عليهن، بمن فيهن “إي جين كارول” كاتبة العمود السابق في المجلة والتي اتهمته بالاغتصاب. كما أن هناك مزاعم بأنه قد أفسد الرئاسة من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
وبحكم موقعه الرئاسي، فقد كان ترامب طوال فترة حكمه قادرًا على عرقلة وتأخير العديد من هذه التحقيقات والدعاوى القضائية – بما في ذلك تلك المعركة كانت قد استمرت لمدة عام وكانت تتعلق بأمر استدعائه بخصوص إقراراته الضريبية – وجزئيًا بسبب منصبه الرسمي، فقد تم رفع العديد من هذه الأمور إلى المحاكم وستصل إلى ذروتها سواء تم إعادة انتخابه أم لم تتم.
لكن مع استطلاعات الرأي التي تظهر أن منافس ترامب الديمقراطي “جو بايدن” يتقدم عليه في سباق الترشح، فقد تصبح المخاطر بالنسبة لترامب أكبر بكثير إذا ما خسر هذه الانتخابات. حيث إن مجموعة كبيرة من القضايا القانونية ستكون بانتظاره، بما في ذلك التحقيق الجنائي من قبل المدعين العامين في نيويورك، والتي سيتم التركيز عليها في الأسابيع التي ستلي يوم الانتخابات.
وقد قال “هاري سانديك” (المدعي الفيدرالي السابق في مكتب المدعي العام في مانهاتن في الولايات المتحدة): “في كل الأحوال، إن مغادرة ترامب لمنصبه ستسهل على المدعين والمشتكين في القضايا المدنية متابعة قضاياهم ضده”، “وذلك، لكونه يتمتع بحماية أكبر تجاه مذكرات الاستدعاء في القضايا الجنائية وكذلك تجاه قضايا الاستدعاء أمام الكونجرس، حيث يعتمد هذا إلى حد كبير على حقيقة أنه يجلس في موقع الرئيس.”
وقد اقترح البعض تشكيل جهاز رسمي للتحقيق مع ترامب بعد أن يترك منصبه. فقد طرح النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا “إريك سوالويل” فكرة إنشاء “لجنة الجرائم الرئاسية”، على أن تتكون من مدعين عامين مستقلين يكون بإمكانهم فحص “أولئك الذين مكنوا رئيسًا فاسدًا“، وذلك كما ذكر في تغريدة له في شهر أغسطس”. مثال (1) : تخريب البريد من أجل الفوز بالانتخابات.”
إن أخطر تهديد قانوني يواجه ترامب هو التحقيق الجنائي الواسع النطاق الذي أجراه محامي مقاطعة مانهاتن، وكان يتناول الأعمال المالية لمنظمة ترامب. وقد اقترح المدعون في ملفات المحكمة بأن التحقيق يمكن أن يفحص ما إذا كان الرئيس وشركته متورطين في : الاحتيال المصرفي، والاحتيال في مجال التأمين، والاحتيال الضريبي الجنائي، وتزوير السجلات التجارية.
في سياق هذا التحقيق، فقد تحدى ترامب أمر الاستدعاء الموجه لشركة المحاسبة التي تتولى حساباته لفترة ثماني سنوات في موضوع إقراراته الضريبية وسجلاته المالية.
وقد قضت خمس محاكم بأن أمر الاستدعاء لا يزال ساري المفعول. كما واجه ترامب في الأسبوع الماضي آخر إخفاق له عندما رفضت محكمة استئناف فيدرالية استئنافه، وحكمت بأن أمر الاستدعاء من هيئة المحلفين الكبرى لم يكن واسعاً بشكل فضفاض أو أنه قد صدر بسوء نية.
ويوم الثلاثاء، طلب محامو ترامب من المحكمة العليا إيقاف إنفاذ أمر الاستدعاء لإتاحة الوقت له للاستئناف أمام المحكمة. وقد خسر ترامب بالفعل استئنافًا أمام أعلى محكمة في شهر يوليو، عندما قضت بأن الرئيس ليس محصنًا من أمر استدعاء من هيئة المحلفين الكبرى.
وقد ذكر ممثلو الادعاء في نيويورك بأن السجلات الضريبية، وأوراق العمل، والوثائق المتعلقة بالمعاملات التجارية هي ضرورية لتحقيقاتهم التي تجري منذ أكثر من عام.
وهناك تساؤلات قانونية باتت تطرح حول ما إذا كان بإمكان المدعي العام توجيه اتهامات ضد الرئيس خلال وجوده في موقعه.
وقد قالت “جينيفر رودجرز” (المحللة القانونية في سي إن إن، وكانت المدعي العام الفيدرالي السابق): “إن ترامب قد يكون الآن قوي للغاية، وإن المدعين يعلمون أنهم لا يستطيعون توجيه الاتهام إليه في الوقت الحالي؛ ولذلك فإنهم يمتلكون الحافز لبناء قضيتهم والاستعداد له. وأعتقد بأن ما سيحدث في حال ما إذا خسر وترك منصبه أن تتحرك الأمور ضده بسرعة كبيرة”.
اللعب بسرعة ورخاوة بقيمة أصول الشركة
يُجري المدعي العام في نيويورك أيضًا تحقيقًا مدنيًا منفصلاً يتعلق بمنظمة ترامب ويبحث فيما إذا كانت المنظمة تقوم بتضخيم قيمة أصول معينة في بعض الحالات وخفضها في حالات أخرى بشكل غير صحيح، وذلك في محاولة منها لتأمين القروض والحصول على مزايا اقتصادية وضريبية.
ويبحث المحققون في الإعفاءات الضريبية التي تم اتخاذها عن عقار ترامب سيفين سبرينغز في مدينة بيدفورد في نيويورك، وعن نادي ترامب الوطني للغولف في لوس أنجلوس. كما أنهم يحققون أيضاً في تقييم برج مكاتب ترامب في وول ستريت الذي قد تم لتسهيل قرض بأكثر من 100 مليون دولار لـ فندق ترامب الدولي والبرج في شيكاغو.
وقد جلس “إريك ترامب” ( نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة ترامب) لحضور جلسة مع محققين مدنيين عن بُعد الأسبوع الماضي . وكان يسعى المحامون للحصول على شهادات إضافية لدى “شيري ديلون” (وهي محامية ترامب الضريبية منذ فترة طويلة).
وقد قال محامو منظمة ترامب في وثائق المحكمة إنهم يعتقدون بأن المدعي العام في نيويورك “ليتيتيا جيمس” له دوافع سياسية، وقد حاولوا في البداية تأجيل أخذ شهادة “إريك ترامب” إلى ما بعد يوم الانتخابات، لكن القاضي كان قد رفض هذا الطلب. وقد قال محامو الولاية، والذين قالوا بأنهم لا ينسقون مع أي وكالة لإنفاذ القانون الجنائي، وبأن تحقيقاتهم مدنية بطبيعتها، ولكن يمكنهم إجراء إحالة جنائية إذا ما اقتنعوا بأن هناك أدلة كافية.
وقال “دان ألونسو” (المدعي العام السابق بمكتب المدعي العام في مانهاتن): “إنه مع وجود مدير تنفيذي كبير، فإنهم عندما يقومون بالصفقات التجارية التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات، فإنهم دائمًا ما يتم نصحهم من قبل المحامين والمحاسبين”، “وإن هناك الكثير من الطبقات بين العبث بالمعاملة الضريبية، والمسؤولية الجنائية من جانب الرئيس، وهذه قفزة كبيرة.”
فتح سيل الدعاوى القضائية
إذا لم يتم إعادة انتخاب ترامب، فإنه سوف يفقد المراعاة التي كانت تعطيها المحاكم للرؤساء الذين يكونون في مواقعهم، مما سيفتح الباب عليه أمام فيض من الدعاوى القضائية.
فقد رفع المدعون العامون لولايتي واشنطن العاصمة وماريلاند دعوى قضائية ضد الرئيس في عام 2017، زاعمين بأنه استفاد من منصبه عن طريق وضع مصالحه المالية فوق مصالح المواطنين الأمريكيين.
وقد أعد محققو الدولة أكثر من 30 مذكرة استدعاء بحق منظمة ترامب، وأخرى تتعلق بأعمال ترامب التجارية.
وقد رفع ترامب دعوى قضائية لعرقلة الدعوى القضائية، والتي زعمت بأن ترامب قد انتهك فقرة المكافآت في الدستور، وذلك بالنظر إلى مئات الآلاف من الدولارات التي أنفقتها حكومات أجنبية وغيرها في ممتلكاته.
وقد قام ترامب باستئناف الحكم أمام المحكمة العليا، والتي لم تقرر بعد ما إذا كانت ستستمع للقضية. كما أن دعوى المكافآت الثانية التي رفعها ضده مشغلو الفنادق والمطاعم في نيويورك ما زالت معلقة.
وفي شهر أغسطس / آب، وبعد أن رفض قاضٍ في محكمة الولاية جهود ترامب لتأجيل دعوى الاتهامات الجنسية، فقد كلف الرئيس وزارة العدل بمحاولة إقحام نفسها في الدعوى القضائية التي استمرت قرابة العام.
وقد طلبت وزارة العدل من قاضٍ فيدرالي أن يحل محل ترامب في دعوى اعتداءات جنسية رفعتها “كارول” (كاتبة عمود نصائح في مجلة(Elle والتي اتهمت فيها الرئيس باغتصابها في غرفة تبديل الملابس في متجر في منتصف التسعينيات. وقد نفى ترامب هذا الادعاء.
وإن هذه الخطوة، في حالة الموافقة عليها، فإن بإمكانها أن تقضي بفعالية على الدعوى القضائية التي كانت تراوح في المحاكم منذ نوفمبر الماضي، وذلك لأنه كان لا يمكن مقاضاة وزارة العدل بتهمة الاعتداءات الجنسية. وقد حدد قاض جلسة استماع في القضية يوم الأربعاء.
وقد أشارت “كارول” إلى أنها تسعى إلى وضع الرئيس تحت القسم، وعمل فحص مقارنة مع عينة من المادة الوراثية الذكرية والتي تقول بأنها كانت على الفستان الذي ارتدته يوم الاغتصاب المزعوم.
كما تم تعليق دعاوى قضائية أخرى بسبب وجود ترامب في موقع الرئاسة.
هناك قضية أخرى تنتظر اتخاذ قرار وهي دعوى اتهام تحرش رفعت في محكمة ولاية نيويورك من قبل منافسة سابقة كمتدربة وهي “سمر زيرفوس” والتي تزعم بأن ترامب كان قد تحرش بها جنسيًا في عام 2007 .
وقد قالت “زيرفوس” بأن ترامب قد قام بتقبيلها من شفتيها في مكتبه خلال اجتماع غداء بمدينة نيويورك، كما زعمت أنه أيضاً قد قبّلها بالقوة، ولمس صدرها خلال لقاء آخر في بيفرلي هيلز.
وقد رفعت دعوى قضائية ضده بعد أن تلقت مضايقات وتهديدات بعد إنكاره ادعاءاتها، وذلك وفقًا لملفات المحكمة.
وبعد أن رفض قاضي محكمة ولاية نيويورك جهود ترامب التي قام بها من أجل دفعه لرفض دعوى “زيرفوس”، فقد استأنف الرئيس الحكم، بحجة أن بند السيادة في الدستور يمنع محكمة الولاية من سماع دعوى ضد الرئيس أثناء وجوده في موقعه الرئاسي.
وتنتظر قضية “زيرفوس” الآن حكمًا من محكمة استئناف ولاية نيويورك بشأن مسألة ما إذا كانت محاكم الولاية لديها اختصاص محاكمة الرئيس أثناء وجوده في البيت الأبيض.
كما تقاضي “ماري ترامب” (ابنة أخت ترامب)، خالها ترامب بتهمة الاحتيال في حق شقيقته في ممتلكات شقيقهم المتوفى، وذلك بدعوى حرمانها من مصالحها في إمبراطورية العائلة العقارية التي بناها الأب “فريد ترامب”.
في هذه القضايا المدنية السابقة، حيث سعى ترامب في بعض الحالات إلى تجنب الإدلاء بشهادته، أو عدم تقديم دليل الحمض النووي، فقد قال “سانديك” بأن ترامب سيفقد القدرة على القول بأن لديه بعض الحماية من قبل البيت الأبيض إذا ما انتهى به الأمر إلى مغادرة المكتب البيضاوي. “فإذا لم يكن يجلس في موقع الرئيس، فإن كل ذلك سيحرم منه”.
هيمنة أقل على الشهود المحتملين
تتمثل إحدى البطاقات العاصفة المتعلقة فيما سيحدث في مراجعة ضريبية مدنية استمرت عقدًا من الزمن أجرتها مصلحة الضرائب الأمريكية، والتي تخضع لنفوذ وزارة الخزانة، وما إذا كان يمكن تصعيد هذه المراجعات تحت إدارة بايدن إلى وزارة العدل.
فوفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن مصلحة الضرائب الأمريكية تبحث في استرداد ضرائب بقيمة 72.9 مليون دولار، كان ترامب قد طلبها من المصلحة.
ويقول المحامون بأن العامل الأقل وضوحًا الذي يمكن أن يتغير إذا ما فاز بايدن هو مقدار هيمنة ترامب على المحاسبين، والمصرفيين، ومن هم في دائرته الداخلية، والذين يمكن أن يكونوا شهودًا مهمين للسلطات.
وقالت “رودجرز” “بأنهم سيشعرون بالخوف بشكل أقل عند تحدثهم عن شخص لم يعد بعد هو الرئيس”.
وأضافت أن القضية التي تتعلق بإعطاء بيانات كاذبة للبنوك، أو الاحتيال الضريبي، من المرجح أن تكون موثقة بشكل كبير، والتي وبمجرد إصدار أمر استدعاء للإقرارات الضريبية، يمكنها أن تساعد في التحقيق.
وبالطبع، فإذا ما أعيد انتخاب ترامب، فمن الممكن أن يكون قادرًا على الاستفادة قانون التقادم (وهو قانون السقوط بالتقادم حيث يُحدد القانون الحدّ الأقصى من الوقت الذي يتعين فيه على الأطراف بدء الإجراءات القانونية من تاريخ ارتكاب الجريمة المزعومة، وإلا فإنها تسقط بالتقادم)، والذي قد تتراوح مدة قانون التقادم لبعض الجرائم في ولاية نيويورك ما بين خمس وست سنوات؛ وتقليص مدة قانون التقادم لأربع سنوات أخرى؛ أو ببساطة الاستمرار في الاستمتاع بمزايا رأي مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل والذي يقول إنه لا يمكن توجيه لائحة اتهام ضد رئيس في أثناء توليه منصبه.
لقد حجبت مذكرة مكتب المستشار القانوني ترامب بالفعل عن لائحة الاتهام المحتملة في حالتين: تحقيق المستشار الخاص بقيادة روبرت مولر، والذي وجد دليلًا على أن ترامب قد ارتكب إعاقة للعدالة لكنه لم يوجه إليه اتهامات.
والتحقيق الذي أجراه المدعي العام الأمريكي في مكتب المنطقة الجنوبية لنيويورك، والذي دعا ترامب للمثول أمام القضاء باعتبار ترامب هو “الفرد الأول” في اتهام محاميه السابق “مايكل كوهين” بارتكابه جرائم تمويل الحملة الانتخابية لتسهيل مدفوعات الأموال الصامتة (مصطلح يشير إلى شكل من أشكال الرشوة التي يتم من خلالها تقديم مبلغ من المال في مقابل السكوت عن أمور غير قانونية، أو سلوك مخز، أو معلومات محرجة قد تؤذي شخص الدافع للمال أو تشهر به) لامرأتين زعمتا إقامتهما علاقة مع ترامب. وكان ترامب قد نفى هذه المزاعم.
وقد اعترف محامي ترامب السابق “كوهين” بالذنب، وقال تحت القسم إن ترامب قد دفعه لخرق القانون.
وقد كان قد تم تعويض المحامي “كوهين” عن تلك المدفوعات من منظمة ترامب في عام 2017، مما قد يمدد قانون التقادم على هذه الجريمة لحتى عام 2022. وقد تكهن بعض المحامين بأنه من المحتمل أن يحاول ترامب العفو عن نفسه من الجرائم الفيدرالية قبل أن يترك منصبه.
إن قرار إحياء تلك التحقيقات يقع على عاتق إدارة بايدن وكبار مسؤولي إنفاذ القانون الذين يقودون وزارة العدل ومكتب المدعي العام في مانهاتن.
وفي شهادة “مولر” أمام الكونجرس، فعندما سأله النائب الجمهوري من كولورادو “كين باك” : “هل يمكنك أن تقوم باتهام الرئيس بارتكاب جريمة بعد أن يترك منصبه؟”.
فقد أجاب مولر بـ : “نعم”.
وعندما سأله “باك” : “أنت تعتقد بأن بإمكانك أن تتهم رئيس الولايات المتحدة بعرقلة سير العدالة بعد تركه منصبه؟” .
فأجاب مولر: “نعم”.
لقراءة المقال الأصلي بالإنجليزية: اضغط هنا