الاصل فى المسلم انه صاحب رأى وأهل للمشورة :
قال تعالى ” و شاورهم في الأمر ” و قال : ” و أمرهم شورى بينهم “
و كانت هذه هي صفة المجتمع المسلم في العصور الأولى فكان النبي لا يفعل أمراً يهم المجتمع إلا و يشاور فيه صحابته الكرام فقد شاورهم في الخروج إلى بدر أو عدم الخروج ( مقاتلة الأعداء ) و شاورهم في غزوة أحد .
و قد جاء في الترمذي: ” ما رأيت أحداً أشد مشورة لأصحابه من محمد “ و قد كان الصحابة رضوان الله عليهم يؤكدون هذا الأمر بتصرفاتهم .
– لقد أنقذت امرأة واحدة الإسلام في لحظة كان الصحابة متجهون فيها نحو الكعبة المشرفة فمنعتهم قريش ووقع النبي صلح الحديبية ، أمرهم أن يتحللوا فلم يتحرك واحد منهم لتنفيذ هذا الأمر ، فدخل النبي على أم سلمة فقال لها هلك الناس ، فأشارت عليه أن أخرج و لا تكلم أحداً ثم أدع حلاقك , ففعل عليه الصلاة والسلام ذلك فتهافت الصحابة لتنفيذ أوامره و الاقتداء به عليه السلام .
– إن هذا المثال الحي يعطينا كيف كان النبي عليه السلام يستشير نساءه في كثير من الأمور حتى لو كانت أموراً متعلقة بالأمة و ليست أسرة فقط .
الاسلام يحذر من الامعية :
قال صلى الله عليه وسلم ” لا يكن أحدكم إمعة ، يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم “
فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين في هذا الحديث بأن الرجل الإمعة هو الذي يلغي كيانه ووجوده وشخصيته ودينه ، وتبع كل ناعق ، ويميل مع كل تيار ، فإن أحسن الناس أحسن وإن أساءوا أساء ، وهكذا يتبع خطواتهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ،والمسلم بحق لم يخلق ليندفع مع التيار أو يساير الركب البشري حيثما أتجه وسار ، وإنما خلق ليوجه العالم الحضارة والمدنية ، فليس من شأنه الدعة والجبن والعجز والخور ، أو أن يستسلم للأهواء والأمور القاسرة ، بل هو قضاء الله الغالب وقدره الذي لا يرد ، فهو الذي يظل يصارع آلام الحياة حتى ينتصر ويبني مجده ، أو يموت شهيداً في سبيل الله ، ذلك هو المسلم الحق الذي أراده الإسلام بتعاليمه وأحكامه
ومن ذلك قال صلوات ربي و تسليماته عليه:
« لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن) » . صحيح البخاري
الامعية والاتباع الاعمى تهلك صاحبها يوم القيامة
( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ( 166 ) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ( 167 ) )
( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب ) هذا في يوم القيامة حين يجمع الله القادة والأتباع فيتبرأ بعضهم من بعض هذا قول أكثر المفسرين وقال السدي : هم الشياطين يتبرءون من الإنس ( وتقطعت بهم ) أي عنهم ( الأسباب ) أي الصلات التي كانت بينهم في الدنيا من القرابات والصداقات وصارت مخالتهم عداوة وقال ابن جريج : الأرحام كما قال الله تعالى : ” فلا أنساب بينهم يومئذ ” ( 101 – المؤمنون
( وقال الذين اتبعوا ) يعني الأتباع ( لو أن لنا كرة ) أي رجعة إلى الدنيا ( فنتبرأ منهم ) أي من المتبوعين ( كما تبرءوا منا ) اليوم ( كذلك ) أي كما أراهم العذاب كذلك ( يريهم الله ) وقيل كتبرؤ بعضهم من بعض يريهم الله ( أعمالهم حسرات ) ندامات ( عليهم ) جمع حسرة قيل : يريهم الله ما ارتكبوا من السيئات فيتحسرون لم عملوا وقيل : يريهم ما تركوا من الحسنات فيندمون على تضييعها وقال ابن كيسان : إنهم أشركوا بالله الأوثان رجاء أن تقربهم إلى الله عز وجل فلما عذبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسروا وندموا . قال السدي : ترفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله فيقال لهم تلك مساكنكم لو أطعتم الله ثم تقسم بين المؤمنين فذلك حين يندمون ويتحسرون ( وما هم بخارجين من النار ) .
الامعية والاتباع الاعمى من اسباب هلاك الامم :
1- فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوماً فاسقين
قال سيد قطب رحمه الله في ظلال هذه الاية الكريمة من سورة الزخرف :
” واستخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه ; فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة , ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها , ولا يعودوا يبحثون عنها ; ويلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة . ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك , ويلين قيادهم , فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين !
ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق , ولا يمسكون بحبل الله , ولا يزنون بميزان الإيمان . فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح . ومن هنا يعلل القرآن استجابة الجماهير لفرعون فيقول: (فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوماً فاسقين)
ثم انتهت مرحلة الابتلاء والإنذار والتبصير ; وعلم الله أن القوم لا يؤمنون ; وعمت الفتنة فأطاعت الجماهير فرعون الطاغية المتباهي في خيلاء , وعشت عن الآيات البينات والنور ; فحقت كلمة الله وتحقق النذير:
( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين , فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين )
إن سكوت قوم فرعون عن ظلمه وطغيانه وكفره، جعلهم من الفاسقين؛ لأنهم أطاعوه في ظلم وكفر. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}.
ولم يقف الأمر عند حدّ تفسيقهم، بل عمّهم العقاب، فأغرقهم الله أجمعين: فرعون الطاغية، وزبانيته، وكذلك قومه الذين سكتوا عن طغيانه وكفره. {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}.
2- ” وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ “
[الزخرف:23]
الفرق بين الاتباع الرشيد والاعمى :
اجمع العلماء على انه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أباً أو أماً فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف.
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل “
الطاعة فى المعروف فقط :
إنما الطاعة في المعروف كما في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة”. وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: “ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله، قالها ثلاث مرات”
وقال الحسن البصري: سيأتي أمراء يدعون الناس إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفاً على دنياهم فعندها سلبهم الله الإيمان ، وأورثهم الفقر ونزع منهم الصبر، ولم يأجرهم عليه ”
اقذفوا انفسكم فى النار :
أخرج الشيخان عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : استعمل النبي – صلى الله عليه وسلم – رجلاً من الأنصار على سرية بعثهم وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا قال : فأغضبوه في شيء فقال : اجمعوا لي حطباً فجمعوا فقال : أوقِدوا ناراً فأوقدوا ثم قال : ألم يأمركم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن تسمعوا لي وتطيعوا ؟ قالوا : بلى قال : فادخلوها . قال فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من النار . قال : فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكروا ذلك له فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف ” .
… وكان الصحابة يتذاكرون هذا الأصل ويتواصون به حتى لا ينحرفوا بانحراف سلطان أو حكم
حتى فى اتباع الامام فى الصلاة :
قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ” إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركوا ، وإذا رفع فارفعوا ، ….. ” رواه البخاري ومسلم
روى الإمام أحمد عن المسور بن يزيد قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يقرأه ، فقال له رجل : يا رسول الله تركت آية كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلاَّ أذكرتنيها ؟
وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلُبِّس عليه ، فلما انصرف قال لأُبيّ : أصليت معنا ؟ قال : نعم . قال : فما منعك ؟ يعني ما منعك أن تفتح عليّ .
فيُشرع الرد على الإمام إذا أخطأ في آية ، ولو لم يتغيّر المعنى .
مظاهر الاتباع الاعمى والامعية فى هذا العصر
1- السير خلف وسائل الاعلام بدون وعى أو فهم
2- ترديد الشائعات دون معرفة مصدرها وعدم التبين
3- عدم الوقوف امام الفساد والرشوى والمنكرات بحجة كل الناس تسكت عن ذلك وانا مثل الناس
4- التقليد فى الموضة والملابس وهذا خاص بالبنات والشباب
5- للخطيب ان يذكر امثلة اخرى يراها مناسبة