عادت “إسرائيل” هذه المرة بقوة غير معهودة لسياسة الاغتيالات بعد انقطاع طويل، وهي صاحبة السجل الأسود باغتيال الآلاف من قادة المقاومة؛ باغتيالها القائد في سرايا القدس بهاء أبو العطا وزوجته في منزلهما بغزة.
وكانت القناة العبرية 12، نشرت الأسبوع الماضي خبراً مفاده أنّ اجتماعاً للكابنيت استمر أكثر من 5 ساعات، اقترح خلاله رئيس حزب “البيت اليهودي” الحاخام رافي بيرتس، العودة إلى سياسية الاغتيالات في قطاع غزة لردع قادة حماس.
وقالت القناة: “رفضت المنظومة الأمنية العودة لسياسة الاغتيالات في قطاع غزة، كما أن بعض الوزراء وصفوا اقتراح بيرتس بالعودة للاغتيالات بالمقترح “الشعبوي”.
إلا أنّ ما يكذّب الاحتلال وإعلامه هو الاحتلال نفسه؛ حيث كشف إعلام الاحتلال، اليوم الثلاثاء، النقاب عن أن عملية اغتيال القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، فجر اليوم الثلاثاء، كان يخطّط لها منذ أشهر.
أهداف نتنياهو
الخبير في الشأن الصهيوني عدنان أبو عامر، أكّد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ عملية اغتيال أبو العطا بهذه الصورة قد تحقق لنتنياهو مجموعة مهمة من الأهداف على الصعيد السياسي، كإجبار خصومه على تشكيل حكومة بأقرب وقت، والهروب من انتخابات ثالثة.
وأضاف أبو عامر “ملاحظة غير معهودة في بيانات الجيش الإسرائيلي.. يذكر البيان نصا حرفيا أن “عملية اغتيال أبو العطا صدّق عليها رئيس الوزراء ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو”.. يعني قبل دخول نفتالي بينيت الوزارة بساعات فقط.. ملعوبة من نتنياهو بحرفية بالغة؛ لكنها قد ترتد عليه”.
ويشير أبو عامر، إلى أنّ نتنياهو يحاول أن يلعب على وتر أنّه سيد الأمن الأول، بعد تضخيم صورة الشهيد أبو العطا ومن ثم اغتياله.
الاغتيال وأزمة الكيان
المحلل السياسي إبراهيم حبيب، عدّ قرار نتنياهو باغتيال القائد بهاء أبو العطا في غزة ومحاولة اغتيال القائد أكرم العجوري في سوريا بالتزامن جاء لتحقيق أهداف عدة.
وقال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: إنّ نتنياهو يريد أيضاً توريط وزير الحرب الجديد نفتالي بِنت وتحميله مسؤولية الفشل في جولة التصعيد القادمة، وحرف أنظار الجبهة الداخلية عن مسار التحقيق معه وأزمة تشكيل الحكومة إلى التصعيد مع غزة.
ويشير إلى أنّ مُزامنة مُحاولتي الاغتيال في غزة وسوريا مع نجاح الأولى وفشل الثانية في اغتيال القائد أكرم العجوري كانت بهدف الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي والسماح للوسطاء وخصوصاً المصريين للتدخل لوقف التصعيد.
ويبين المحلل السياسي أنّ عملية الاغتيال هدفها إيصال رسالة واضحة لقادة الفصائل أن سياسة الاغتيالات التي هددت بها “إسرائيل” سابقاً أصبحت حاضرة على الطاولة، وفي الوقت نفسه التأكيد للرأي العام الإسرائيلي أن التدخل العسكري الصهيوني في سوريا لا يزال قائماً بعد توقفه شهرين.
ويعتقد حبيب، أنّ كل هذه الأهداف ستتبخر حال كان رد المقاومة موحداً وقاسياً من غرفة العمليات المُشتركة، وسيُشيّع نتياهو بعدها بأشهر قليلة إلى مثواه الأخير في السجن.
المقاومة وحجم الرد
المختص في الشأن الصهيوني أيمن الرفاتي، أكّد أن عودة سياسية الاغتيالات أمر لن تسمح به المقاومة الفلسطينية، وستسعى جاهدة خلال الساعات المقبلة لتوجيه ضربات كبيرة للاحتلال لتثبيت معادلة الردع، وقواعد الاشتباك عبر جعل الثمن كبير جداً، وأن يكون كالسير على حافة الحرب.
وأضاف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “ربما تذهب المقاومة لإساءة وجه نتنياهو عبر عمليات نوعية أو استخدام أسلحة نوعية جديدة ما يؤدي لردع الاحتلال عن تكرار مثل هذه العملية وإظهار أن ثمنها سيكون باهظا جداً”.
ويقول المختص في الشأن الصهيوني: إنّ “إسرائيل تدرك أن سياسة الاغتيالات لها أثمان كبيرة قد تصل إلى المواجهة الشاملة والحرب التي لا ترغب بها، لكن ربما هذه المرة حاول نتنياهو الانتقام لنفسه من المقاومة الفلسطينية التي مرغت أنفه خلال الفترة الماضية، وأظهرت ضعفه؛ ما أثر على مستقبله السياسي، ولذا ربما يمكن اعتبار هذا الفعل طارئا على السياسية الأمنية الإسرائيلية بعد ترسيخ المقاومة في غزة لقواعد الاشتباك خلال 12 جولة تصعيد ماضية”.
ويبين أنّ اغتيال أبو العطا جاء بعد سلسلة من التحريض عليه عبر وسائل الإعلام العبرية التي دائما تحاول إظهاره على أنه أحد أذرع إيران في المنطقة، وأنه تسبب في عدد من عمليات إطلاق الصواريخ رغم التفاهمات خلال الأشهر الماضية، وهو الذي تسبب بالحرج لنتنياهو شخصيا.
ويقول الرفاتي: “الواضح أن نتنياهو الذي بات يشعر بأن الوقت بدأ في النفاد أمامه مع اقتراب انتهاء المدة الممنوحة لغانتس لتشكيل الحكومة وعدم قدرته على ذلك، وهو ما يهدد بالذهاب لانتخابات ثالثة لن يكون لنتنياهو نصيب مشابه لما جرى في مرتي الانتخابات الماضية، وبالتالي هو يريد الهروب للأمام عبر إعادة ترتيب صورته بأنه سيد الأمن والأقوى في دولة إسرائيل وأيضا إمكانية الدفع بالذهاب لحكومة وحدة وطنية أو حكومة طوارئ بقيادته”.
المركز الفلسطيني للإعلام