قدم الإمام حسن البنا المرشد العام الأول ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين نموذجًا عمليًّا فريدًا في الوحدة الوطنية والتعارف الإنساني والتواصل المجتمعي المنشود من خلال مواقفه العملية الخالدة والتي شهد له بها القاضي والداني والعدو والصديق.
ونعرض اليوم طائفة من خطابات الإمام وسائله التي كان يحث فيها بل ويطبق بنفسه من خلال الجماعة هذا المثال الرائد في انسجامها مع اللحمة الوطنية والتعاون المجتمعي في كل ما فيه صلاح البلاد والعباد وإحياء روح القيم والمبادئ.
وهذه نماذج من خطابات الإمام في توحيد الصف الوطني:
إلى رؤساء الأحزاب السياسية جميعًا..
حضرة صاحب…….
أحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو وأصلى واسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأرفع إليكم تحية الإخوان المسلمين فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا صاحب ….. باسم الإسلام الذي يأمر بجمع الكلمة، وينهى عن الخلاف والفرقة، ويفرض التعاون على البر والتقوى، وباسم مصر التي جاهدت أشق الجهاد في سبيل حريتها، ووقفت أمجد المواقف في سبيل استقلالها، وسارت بخطى ثابتة في طريق التقدم والنهوض وباسم الشهداء الأبرار الذي فدوا نهضة الأمة، ورووا أرض هذا الوطن بدمائهم، وذهبوا؛ لتبقى هذه الأمة، ويخلد هذا الشعب، وتحقق له الآمال، وباسم التضحيات الغالية التي بذلها كل فرد من أفراد هذا الشعب الكريم.
باسم ذلك كله يتقدم إليكم مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بهذا الخطاب لا يبغي من وراء ذلك إلا الإصلاح ولا يرجو إلا الخير.
يا صاحب …. إن الحزبية السياسية قد مزقت أوصال الأمة، وفرقت كلمتها وعصفت بالأخلاق والضمائر وعرقلت الأعمال والمشروعات، وحولت نشاط الشعب كله إلى التهاتر والخصومة والمكايد والحزازات، ومحال أن تنهض أمة مفرقة القوى موزعة الجهود بل متعاكسة، ولا إنقاذ لها إلا بالوحدة، ولا نجاح إلا بالتعاون.
وتعلمون يا صاحب …… إن الأحزاب المصرية إنما تعددت بهذه الصورة لحوادث لا محل لذكرها، وإنها جميعا تدعي لنفسها العمل على إصلاح كل مظاهر الحياة.
فليس هناك تخالف جوهري في مناهجها وبرامجها، وقد اشترك أعضاؤها جميعًا في الجهاد لتحرير هذا الوطن العزيز، فليس ما يمنع من الوحدة إلا بعض النواحي الشخصية البحتة.
ولهذا يتقدم مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين إلى… وإلى حضرات رؤساء الأحزاب المصرية جميعا راجيا أن ينضم بعضهم إلى بعض في هيئة قومية واحدة تضم بعضهم إلى بعض في هيئة قومية واحدة تضم إليها كذلك كل ذوي الكفايات والمواهب، وتضع للنهضة برنامجا شاملا في كل نواحي الحياة على أساس قوي من تعاليم الإسلام الحنيف وشريعة القرآن المطهرة.
وليس بدعًا أن تسير أمة على نظام الحزب الواحد، وقد سبقتها إلى ذلك الأمم الناهضة من شرقية وغربية، وإنا لنرجو أن يلقى هذا الاقتراح القبول منكم، فتعملوا من جانبكم على تحقيقه، وتضحوا بمظهر خاص في سبيل مصلحة الأمة العامة، وتنقذوا بذلك مصر مما يتهددها من آثار الخصومة والخلاف.
وفقكم الله وألهمكم الرشاد والسداد
18 ربيع الأول 1357هـ