بغض النظر عن التسريبات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة عن بذل جهود حقيقية لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، لكن ساحتها السياسية والأمنية شهدت ظهور خلافات جادة وتباينات قوية عشية إمكان نجاح هذه الصفقة، التي لم تؤكدها أوساط المقاومة، على الأقل حتى الآن.
أهم الخلافات الإسرائيلية الداخلية بشأن الصفقة تتركز في الخشية من عودة مئات الأسرى المفرج عنهم لاحقا إلى المقاومة المسلحة، في ضوء تسريب بعض المعطيات الخاصة بالصفقة، والتعرف إلى الأعداد والنوعيات الخاصة بمن سيفرج عنهم.
يقول الإسرائيليون المعارضون إنهم تعرفوا على الاقتراح الجديد المتداول مع المقاومة عبر الوسطاء، وعلموا بتفاصيلها، أنها “صفقة فضيحة”، صحيح أن “إسرائيل” تصر على عدم إطلاق سراح الأسرى “الملطخة أيديهم بالدماء”، لكن حماس لم تبدِ حتى الآن أي استعداد لتقديم تنازلات.
جانب آخر من الخلافات الإسرائيلية تستند إلى أن صفقة التبادل مع حماس تنتهك مبادئ لجنة القاضي مائير شمغار رئيس المحكمة العليا السابق، التي أوصت في 2012 بتشديد المفاوضات بشأن صفقات التبادل.
الأوساط الإسرائيلية كشفت أن من يقف وراء المبادرة الجديدة هو يارون بلوم، مسئول ملف الأسرى، ما يظهر مرونة واضحة، لأن الرسائل المنقولة عن “إسرائيل” من المصريين تزامنت مع انتشار كورونا في غزة، ما قد يحدث مرونة في المفاوضات، مع بدء العد التنازلي لإجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة، ما قد يسرع بإبرام الصفقة رغبة من نتنياهو بتحسين فرصه بالفوز.
تعتقد المحافل الإسرائيلية أن أسرى حماس في السجون الإسرائيلية يحملون وزنًا كبيرًا فيما يتعلق بقرار الموافقة على صفقة التبادل، ولذلك فإن “إسرائيل” قد تمارس المزيد من الضغط على حماس لإبقائها دون أوراق مساومة، لكن قيادة الحركة في غزة ذاهبة باتجاه عدم التنازل، وتبدو مصرة على إطلاق سراح الأسرى ثقيلي العيار من سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتريد عقد صفقة مماثلة في نطاقها لصفقة التبادل السابقة 2011، وترفض ربط الصفقة بالوضع الإنساني في غزة.
على صعيد عائلات الجنود الأسرى والمفقودين في غزة، فهي تطالب المستويات السياسية والعسكرية بإعادتهم من داخل ساحة المعركة حيث أسروا منها، رغم أنها لم تتلق أي تحديث بشأن أي تقدم لإنجاز الصفقة، من أي من الجهات الفاعلة في هذا الملف: مجلس الأمن القومي، الحكومة، الجيش، وزارة الحرب.
تتهم هذه العائلات الإسرائيلية قيادة الجيش والحكومة بأنها لا تطالب باستعادة جنودها، بل تتركهم في الميدان، وما زالت ذات القيادة منذ ست سنوات، لم تنجح في استعادتهم، ولم تستغل أي فرصة أتت في طريقها، لا فرصة إنسانية، ولا ضغطا آخر على حماس.