مفهوم الإدارة:
أصل كلمة إدارة (Administration) لاتيني بمعنى (To Serve) أي ( لكي يخدم ) والإدارة بذلك تعني “الخدمة” على أساس أن من يعمل بالإدارة يقوم على خدمة الآخرين . وفي ظل الاهتمام الذي حظيت به الإدارة إلا أن تعريفاتها التي قدمها العلماء والرواد قد تباينت، شأنها في ذلك شأن كثير من مصطلحات العلوم الإنسانية، فكل منهم قد تأثر بمدخل معين.
وقد عرفها بعض الكتاب بأنها “النشاط الموجه نحو التعاون المثمر والتنسيق الفعّال بين الجهود البشرية المختلفة العاملة من أجل تحقيق هدف معين بدرجة عالية من الكفاءة “. وهناك من يعرف الإدارة بأنها ” عملية توجيه الجهود البشرية بشكل منظم لتحقيق أهداف معينة ”
ويمكن تعريف الإدارة بأنها “عملية اجتماعية مستمرة تسعى إلى استثمار القوى البشرية والإمكانات المادية من أجل تحقيق أهداف مرسومة بدرجة عالية من الكفاءة”، ومن هذا التعريف يُمكن استخلاص العناصر التالية:
- أن الإدارة عملية تتضمن وظائف عدة هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
- أنها اجتماعية فهي لا تنشأ من فراغ، بل تنشأ داخل مجموعة منتظمة من الأفراد وتأخذ في الحسبان مشاعرهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم.
- أنها وسيلة وليست غاية فهي وسيلة تنشد تحقيق أهداف مرسومة.
- أنها عملية مستمرة.
- أنها تعتمد على استثمار القوى البشرية والإمكانات المادية المتاحة.
- أنها تسعى إلى تحقيق الأهداف بدرجة عالية من الكفاءة.
الإدارة عند المسلمين :
تفردت الحضارة الإسلامية بوجود تنظيم إداري متقدم ، شمل معظم الوظائف الإدارية ، فالفكر الإداري بدأ يتبلور منذ أن أنزل الله سبحانه وتعالى رسالته على الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .
وكان الفكر الإداري في الصدر الأول من الإسلام يستند إلى نصوص القرآن الكريم وتوجيهات السنة النبوية الشريفة ، ويقوم على أساس من القيم الإنسانية التي لا يزال الفكر الإداري المعاصر يلهث للوصول إليها .
وهناك علاقة وطيدة بين الإدارة والشريعة الإسلامية، فقد أشار القرآن الكريم بلفظة الإدارة في قوله تعالى: { إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم } (البقرة آية 282) وفي السنة النبوية إشارة أخرى في حديث كعب بن عجرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلي الله عليه وسلم- قال: ( لا تقوم الساعة حتى يدير الرجل أمر خمسين امرأة ) [رواه الطبراني].
وبناءً على ما سبق فقد كان المسلمون يطبقون وظائف وعمليات الإدارة التالية :
1 -التخطيط : هو عبارة عن عملية فكرية تعتمد على المنطق والترتيب والتقدير والمرونة وإيجاد البدائل، ومن شواهده في القرآن قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: “قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون . ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون . ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ” [يوسف 47-49]، وبهذا التوجيه القرآني الذي هدى الله إليه يوسف عليه السلام، فإن المسلم مُلزَم بالتخطيط المستقبلي لتفادي النكبات والأزمات التي قد تحيط بالأمة في كل مجال. ومن الأحاديث النبوية الدالَّة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل حتى يحمي الإنسان نفسه ومَنْ تحت ولايته قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه-: “…إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس…) وأيضًا قوله للأعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون أن يعقلها: “اعقلها وتوكل”, وفي هذا الحديث إشارة للإداري المسلم بأن يربط التوكل على الله بالاحتياط والتخطيط الذي لا يتنافى مع التوكل, ولا مع القضاء والقدر .
2 -التنظيم : هو بيان وتحديد الهيكل الذي تنتظم فيه علاقات السلطة والمسؤولية وهو كيان حي متحرك ولابد من إعداده ليتلاءم دائمًا مع المتغيرات الداخلية والخارجية، وهو ما جاء به الإسلام قال تعالى : { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } [الزخرف: 23] ، وهذا غاية في التنظيم، فهو تنظيم الكون والحياة بأجمعها. ونجد في قدوم النبي – r-إلى المدينة أولى خطوات التنظيم وهي المؤاخاة حيث قال: (تآخوا في الله أخوين أخوين) فآخى بين المهاجرين والأنصار ليكونوا نواةً لتنظيم المجتمع.
3 -التوجيه : هو القدرة على التأثير على الموظفين ، وهدايتهم وتوجيههم مع إيجاد روح الود والحب والرضى والانتماء للعمل. ولقد اعتنى الإسلام بالتوجيه وأولاه رعاية خاصة لشحذ الهمم، فمن ذلك قوله تعالى: {ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك }[آل عمران: 159]، وهذا توجيه أعلى للقائد والحاكم، وكذلك قوله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم}[البقرة: 237]، وهذا توجيه عام للمحكومين والعامة.
4-الرقابة : هي عملية ملاحظة نتائج الأعمال التي سبق تخطيطها ومقارنتها مع الأهداف التي كانت محددة واتخاذ الإجراءات التصحيحية لعلاج الانحرافات، وهي غاية الأمر ومنتهاه، فبعد التطبيق الكامل يأتي دور التأكد من أن تنفيذ الأهداف المطلوب تحقيقها في العملية الإدارية تسير سيرًا صحيحًا حسب الخطة والتنظيم والتوجيه، ولعل الإداري المسلم المؤمن هو المدرك حق الإدراك حقيقة الرقابة, والعمل على إنفاذها سواء على نفسه أو على غيره، ومن شواهد الرقابة في القرآن الكريم قول الله تعالى: { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } وقوله عز وجل: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ومن السنة النبوية حديث جبريل عليه السلام: (… فأخبرني عن الإحسان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك… الحديث) ، وهذا من أعظم أنواع الرقابة الذاتية, وهنا يتفاضل الناس ليس فقط بمقدار ما يحملونه من (علوم) الإدارة, بل أيضًا بمقدار ما يُجيدونه من (فنونها) وأساليب تطبيقها . ” من موقع قصة الإسلام” islamstory“
ج– تطور مفهوم الادارة التربويه التعليمية :
ان الادارة التربويه فرع من الادارة العامه ومن مفهوم الادارة العامة انتقل علم
الادارة الى مجال التربية الولايات الامريكيه ولم تبدا الادلره التعليميه تظهر آعلم
مستقبل عن الادارة العامه الا منذ عام ١٩٦٤ حيث بدات مؤسسه آلوج الامريكيه
تهتم بها ومن الولايات النتحده انتقلت الادارة التعليميه آعلم مستقبل قائم بذاته الى
اوربا ففي عام ١٩٦٧ بدات الادارة التعليميه آعلم تلقى مزيدا من الاهتمام في
بريطانيا بعد ان قدمت مؤسسه آالسوت جلبنكان منحه ماليه الى قسم الادارة
التعليمية في آلية التربية بجامعة لندن لاعداد برنامج تدريبي للعاملين في وزارة
التربية والتعليم من مدراء ةاعضاء هيئة التعليمية لتدريبهم على المهام الادارية
للعملية التعليميه .
ومن اوربا انتقلت الادارة التعليميه الى العالم ومن هنا
بدأ علم الادارة التعليمية يفرض نفسه الى العلوم التربويه الاخرى .
وتتفق الادارة التعليمية مع الادارة العامه في اسلوب العمل فكل منهما يحتاج الى
عمليات تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعه وتقويم واتخاذ القرارات لوضع القوانين
واللوائح التي تنظم عملهما ويتفقان ايضا في الاطار العام للعمليه الدارية اما فيما
يتعلق بالتفاصيل فالاختلاف بينهما يكون وفقا لاختلاف اهداف عمل آل منهما
وآذلك تتفق الادارة التعليمية مع الادارة العامة بانها وسيلة وليست غاية في ذاتها .
وان مفهوم الادارة التربويه في المراحل الاولى من نشأتها لم يكن سوى تسهيل
لاعمال المدرسة ومساعده الهيئه التعليمية على الاندماج في جوها وتمكينها من
تدريس المواد الدراسية لطلابهم وحملهم على اتقانها واستيعابها وهكذا فان هذه
المفاهيم القديمه لنشأت الادارة التربويه لم تكن قادرة على تحقيق التعاون الطلوب
بين العاملين في المدرسة او تأآد على اثرها في نجاح العمل فيها آما ونوعا وانما
آانت تريد من المدير ان يؤدي ما رسم له من سياسه وتوجيه بصورة امنية .
اما الان نجاح الادارة التربويه في اداء مهماتها تتمثل من خلال :
١. وضع الاهداف العامه للتخطيط وتحديد الاستراتيجية التعليمية .
٢. تربية الناشئين والشبان واعدادهم للحياة في المجتمع .
٣. توفير القوى البشرية والامكانيات المادية.
٤.ان تعتبر الادارة التعليمية عملية اجتماعية تعني بتيسير تحفيز العناصر البشرية
في فروع ومستويات الادارة التعليمية آافة توجيه جهودهم من اجل تحقيق الاهداف
التعليمية ذات قيمة باآبر مردود ممكن .
٥. ان تشتق الادارة التعليمية اهدافها من طبيعة التربية والتعليم الذي تبتغيه في
مجتمعنا والذي يتكامل مع اهداف المستويات اللادارة. اي تكاملها مع اهداف
المستوى الوطني (ديوان الوزارة) والمستوى المحلي (المديريات العامه للتربية)
والمستوى الاجرائي الوحدة المدرسية .
٦.ينبغي ان تحقق اهداف المؤسسات التربويه عن طريق الاقناع وليس عن طريق
التسلط والقسر. بمعنى ان يمنح العملين في مجال التربوي مستويات اداء عالية على
اساس ان اجواء الحرية والديمقراطية والعلاقات الانسانية تعتبر اقوى دوافع العمل
لدى الافراد وآذلك تقليل من الاوامر والتوجيهات والتعليمات حتى لا يغلب العمل
المكتبي والورقي الروتيني على ابداع الافراد وقدراتهم وتأمين اآبر قدر من
الحوافز المادية والنفسية واشعار العاملين بالاهمية الاجتماعيه الوطنية لعملهم
وانجازاتهم .__
2-1-مفهوم الإدارة التربوية :
عندما نتناول موضوع الإدارة في ميدان التربية والتعليم، نجد أنفسنا أمام ثلاثة مفاهيم شاع استخدامها، وهي“الإدارة التربوية“، “الإدارة التعليمية“، و“الإدارة المدرسية“. إن المفهومين الأول والثاني يعنيان شيئا واحدا، والخلط بينهما إنما جاء نتيجة الترجمة عن المصطلح الأجنبي Education، الذي يترجمه البعض إلى مصطلح التربية في حين يترجمه البعض الآخر إلى مصطلح ” التعليم”. أما المفهوم الثالث – “الإدارة المدرسية”، فيبدو أنه أكثر خصوصية، بحيث يحيل إلى الإدارة التي تشرف على مؤسسة تربوية، فيما يحيل المصطلحان السابقان على الإدارة التربوية في تراتبيتها بدء من الوزارة الوصية وانتهاء بالمؤسسة التربوية مرورا بالأكاديميات والنيابات بمصالحها وأقسامها…
ورغبة في مسايرة الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل كلمة “تربية ” على كلمة “تعليم”- على اعتبار أن التربية أعم وأشمل- فإننا- إن شاء الله-في هذا الكتاب سنستخدم مصطلح الإدارة التربوية وإن كنا سنقتصر على الحلقة الأخيرة في هذه التراتبية، ونعني “الإدارة المدرسية”.
يعرف الزبيدي الإدارة التربوية بأنها ” مجموعة من العمليات التنفيذية والفنية التي يتم تنفيذها عن طريق العمل الإنساني الجماعي التعاوني بقصد توفير المناخ الفكري والنفسي والمادي الذي يساعد على حفز الهمم وبعث الرغبة في العمل النشط المنظم، فرديا كان أم جماعيا، من أجل حل المشكلات وتدليل الصعاب حتى تتحقق أهداف المدرسة التربوية والإجتماعية كما ينشدها المجتمع”.
ويعرفها العمايرة بأنها “: حصيلة العمليات التي يتم بواسطتها وضع الإمكانيات البشرية والمادية في خدمة أهداف عمل من الأعمال، والإدارة تؤدي وظيفتها من خلال التأثير في سلوك الأفراد”.
كما تعرف الإدارة التربوية على أنها ” الجهود المنسقة التي يقوم بها فريق من العاملين في الحقل التعليمي، إداريين وفنيين، بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقا يتماشى مع ما تهدف إليه الدولة من تربية أبنائها، تربية صحيحة وعلى أسس سليمة”.
من خلال هذه التعريفات تبدو أهمية الإدارة التربوية كضامن لتنظيم وتوجيه وقيادة الأعمال والأفراد الذين يكونون القاعدة العملية للمؤسسة، بغية تحقيق هدف أو مجموعة أهداف مسطرة ومنسجمة مع الغايات الكبرى للبلاد.