تَسَابُقُ دول الاتحاد الاوروبي إلى المستلزمات الطبية، واغلاق الحدود، واجراءات الحجر لمواجهة فايروس كورونا قابله تسابق كل من الصين وروسيا لمداواة جراح وندوب القارة الاوروبية، بعد خذلان الحليف الامريكي للقارة العجوز!
الدول الاوروبية دخلت في سباق مع الزمن لتوفير المستلزمات الطبية لمواجهة وباء كورونا الذي تحول لكابوس يهدد بانهيار نظمها الصحية؛ سباق وَلَّد صدمة “اقتصادية” عطلت عجلة الانتاج، وأخرى “أخلاقية” بانكفاء دول الاتحاد على الذات، وعلى هموم الداخل، لتهتز اركان الاتحاد الاوروبي، ومقولات التضامن بين اعضائه!
ورغم الصدمة الكبيرة تسارعت خطى الاتحاد الاوروبي للتعافي من الصدمة عبر البنك المركزي الاوروبي بخطة تحفيز، تضمنت تقديم اكثر من 700 مليار يورو لإنقاذ اقتصادي؛ اذ اظهرت ألمانيا ومن ورائها فرنسا رغبة قوية في مواجهة الجائحة بالاستعانة بمؤسسات الاتحاد الاوروبي، متجاوزة القيود المشددة على ضخ الاموال في السوق.
الاتحاد استعاد زمام المبادرة على الصعيد الاوروبي والدولي من جديد بطرح برنامج قروض يبلغ 240 مليار دولار بفوائد قليلة، وبإعفاءات تمتد عشر سنوات تحظى فيه دول الاتحاد الـ 19 بأولوية الاقتراض، ليتحول الاتحاد وفي غضون أسابيع ملاذًا للدول المتعثرة؛ فما قدمه الاتحاد لا تستطيع الصين وأمريكا وروسيا تقديمه إلى الدول الاوروبية التي باتت محظوظة بعضويتها في الاتحاد بعد ان كانت مستاءة من غياب التضامن، لتنقلب المعادلة رأسًا على عقب، وحسرة في قلوب مَنْ لم ينل العضوية بعد.
حزم مساعدات وقروض الاتحاد الاوروبي طالت تونس؛ اذ خصص الاتحاد 20 مليون يورو، في حين أعلنت سفيرة الاتحاد الاوروبي في الاردن ماريا هادجيثيو دوسيو عن تقديم 200 مليون يورو للاردن كمساعدات اضافية، لتضاف الى برنامج المساعدات المقدر بـ 355 مليون يورو، كما اعلن عن حزمة مساعدات للسلطة الفلسطينية تقدر بـ 71 مليون يورو.
المنحة الاكبر كانت من نصيب الممكلة المغربية التي تربطها علاقات اقتصادية قوية بأوروبا، تشمل العمالة والصناعة والزراعة والصيد البحري؛ إعلان جاء في وقت مبكر يوم 27 آذار مارس؛ إذ اعلن في بيان مشترك للاتحاد الاوربي والمملكة المغربية عن تعهد الاتحاد بتقديم مساعدات قدرت بـ 450 مليون يورو لمواجهة جائحة كورونا.
بروكسل فتحت الباب لتقديم القروض للحلفاء والاصدقاء ليبدأ الاتحاد الاوروبي بملء الفراغ ومحاولة استعادة زمام المبادرة من الصين وروسيا؛ بالإعلان عن قروض ومساعدات غير مشروطة الاستخدام؛ فالدول التي تعاني من الجائحة في افريقيا والمنطقة العربية باتت تبحث بجد عن حلفاء وشركاء للتعامل مع الازمة الامر الذي تنبه له الاتحاد الاوروبي.
تفوق الاتحاد الاوروبي رغم ازمته على الولايات المتحدة في سرعة المبادرة داخليا ودوليا وحجزه مقعدا الى جانب الصين لمواجهة الجائحة تميز بأدائه، اذ لم يتخل عن منظمة الصحة العالمية واستمر في دعمها فضلا عن تجنبه الدخول في مواجهة مع الصين تضر ولا تنفع في المرحلة الحالية؛ فأوروبا ركزت على تدعيم مكانة الاتحاد بين اعضائه، والحفاظ على مناطق نفوذه ومصالحه في البيئة المحيطة.
ختاما: قدرة الاتحاد الاوروبي على المبادرة والخروج من الصدمة في مدى زمني قصير حقيقة مفاجئة لجهاز بيروقراطي ناشئ ثقيل الحركة ومتحفظ طالما تعرض للنقد من قبل خصومه واعدائه. إنها صدمة بحد ذاتها!