لا شك في أن زيارة أمير قطر للأردن، والترحاب والحفاوة التي لقيتها الزيارة -حتى قبل وصول الأمير- تدل على أن الأردن اتخذ موقفا حاسما من مسألة مقاطعة قطر التي فرضتها السعودية والإمارات ومصر، واضطر الأردن إلى مجاراتها، وإن بشكل مخفف للغاية.
كثيرون ينظرون إلى الزيارة على أنها فرصة اقتصادية هامة وكبيرة للبلد الذي يعاني ضائقة اقتصادية، وازديادا في مشكلتي البطالة والفقر، ومع أهمية هذا الملف، إلا أن الملف السياسي لا يقل أهمية بل يفوقه أيضًا!
ولا شك في أن جزءًا من الضائقة الاقتصادية يعود لأسباب سياسية، وهذا ما يضيف أهمية للملف السياسي للزيارة؛ فقطر لديها مواقف معروفة من قضايا تهم الأردن، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وقضية القدس، و”صفقة القرن”، ويمكن للتنسيق السياسي بين البلدين أن يساعد الأردن الذي اتخذ موقفًا رافضًا لـ”الصفقة”.
وقطر لديها علاقات إستراتيجية مع الجانب التركي الذي اتخذ هو الآخر موقفًا رافضًا لـ”صفقة القرن”، وخصوصًا فيما يتعلق بمسألة القدس، ويمكن للتنسيق السياسي مع قطر أن يعزز التنسيق السياسي مع تركيا في هذا الملف بالذات.
يمكن لتركيا جذب الموقف الماليزي والباكستاني والأندونيسي باتجاه الموقف الأردني من “صفقة القرن”؛ فخلال زيارته الأخيرة لباكستانأهدى الرئيس أردوغان كتابًا بعنوان “احتلال القرن” الذي أصدرته دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، ويتحدث عن “صفقة القرن”.
قطر التي استخلصت الدروس من المقاطعة، استطاعت تنويع خياراتها وبناء تحالفات؛ ما قد يفيد الأردن.
ولا شك في أنه ليس هناك تطابق في المواقف السياسية بين البلدين في كل الملفات، فهناك ملفات تبدو فيها مصالح البلدين متناقضة كملف ليبيا على سبيل المثال؛ ففيما يدعم الأردن الجنرال حفتر تدعم قطر حكومة الوفاق الشرعية. لكن المباحثات ستركز على الملفات المتوافق عليها، ولا يُتوقع أن تتطرق إلى الملفات الخلافية؛ ما يعني تفوق دبلوماسية: “نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويَعْذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه”.