العرب منقسمون كعادتهم منذ تقسيمهم عبر سايكس بيكو أولا، وعبر من يحمون سايكس بيكو داخليا وخارجيا ثانيا، وعبر تقسيم مشاريعهم ومصالحهم ومناهجهم ومنابتهم ومشاربهم وأهوائهم ثالثا، وعبر تغييب كل عوامل قوتهم ووحدتهم رابعا.
العرب اليوم منقسمون حول الدراما التركية التاريخية، وليس حول الدراما التافهة الرخيصة التي تبيع اللحم فقط!
هناك من يراها أداة من أدوات قوة أردوغان الناعمة للتغلغل في المجتمعات العربية والسيطرة عليها لصالح مشروعه التوسعي العثماني. وهناك من يراها تضع اليد على الجرح، وتحاول بث روح الأمل بالانعتاق من المستعمرين الذي يمصون دماء هذه الأمة.
ومع تأكيدي أن الدراما التاريخية التركية من مثل مسلسل “أرطغرل” إلى “عثمان” إلى “السلطان عبد الحميد” هي عبارة عن 95% دارما و5% تاريخ، إلا أن ما يميزها هو تلك القيم الرفيعة التي تدور عليها، من قيم العدالة والشجاعة والمقاومة للظلم والعدوان والعدو الخارجي، وإعلائها من شأن القيم الإسلامية الأصيلة، وابتعادها عن المشاهد المخلة بالآداب، وهي الأمور التي جذبت الكثير من الجمهور العربي، وربما هي ذاتها التي تحارب من أجلها من قبل بعض الأنظمة العربية!
في الجزء الرابع من مسلسل السلطان عبد الحميد الثاني يركز المسلسل على قضية القدس والأقصى، ومع تأكيدي أن معظم الأحداث لا تصمد أمام التوثيق التاريخي، إلا أن مجرد طرحها بهذه الطريقة أمر خلت منه الدراما العربية طوال تاريخها.
ويبقى السؤال المحير هو لماذا لا يسعى أولئك الذين يحاربون الدراما التاريخية التركية إلى إنتاج مسلسلات تطرح ذات القيم، وتتناول القضية الفلسطينية وقضية القدس والأقصى بذات الروح حتى لو لم تسعفهم الرواية التاريخية، رغم امتلاكهم الإمكانات المالية والفنية؟!!
لم نر سوى مسلسل واحد، خلا من أي قيمة عليا، حاول منتجوه إيغال صدور العرب تجاه الدولة العثمانية، لكنه فشل في ترك أي انطباع وأصبح نسيا منسيا!