الأزمة السياسية الصهيونية الداخلية وتداعياتها الفلسطينية

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. صالح النعامي

يتوقف اتجاه سياسات الحكومة الصهيونية التي ستشكل استنادا إلى نتائج الانتخابات الأخيرة إزاء الضفة الغربية وقطاع غزة على طابع التركيبة الحزبية لهذه الحكومة. 

ونظرا لأنه في ظل نتائج هذه الانتخابات سيكون من الصعب التنبؤ بهوية الشخص الذي سيقوم بتشكيل الحكومة القادمة، هذا أن كان بالإمكان تشكيل حكومة أصلا، على اعتبار أن كلا من تحالف “أزرق أبيض” و”يسرائيل بيتنا” وتحالف العمل ميريتس غيشر والقائمة العربية لديهم أغلبية مطلقة تجعل من تولي بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة أمرا مستبعدا.

من الواضح أن إعلان بني غانز، زعيم تحالف “أزرق أبيض” عزمه تشكيل حكومة بالاعتماد على دعم “يسرائيل بيتنا” و”العمل ميريتس غيشر” والقائمة العربية يهدف إلى الضغط على حزب الليكود للتخلي عن نتنياهو، على اعتبار أن هذه الأحزاب قد التزمت بعدم المشاركة في حكومة يرأسها نتنياهو بسبب قضايا الفساد الموجهة له.

لكن من الواضح أن إعلان غانز يبدو أنه تهديد أكثر من أنه توجه عملي لتشكيل حكومة ضيقة، على اعتبار أن أوساطا داخل “أزرق أبيض” و”يسرائيل بيتنا” ترفض تشكيل حكومة تستند إلى دعم القائمة العربية الموحدة بقيادة أيمن عودة؛ سيما حيث أن أفيغدور ليبرمان زعيم “يسرائيل بيتنا” كان قد أعلن في السابق بأنه لا يمكن أن يوافق على تشكيل حكومة بدعم القائمة العربية من الخارج، على اعتبار أنه يصف أعضاء القائمة بمثابة “طابور خامس” و”سكين في ظهر إسرائيل”.

من هنا، فإنه على الرغم من أن هذه الأحزاب تملك مجتمعة 62 مقعد في البرلمان الجديد، أي أغلبية مطلقة، لكنها أحزاب غير متجانسة أيدلوجيا واجتماعيا، لذا فأن فرص توافقها على تشكيل حكومة متدنية جدا.

وفي المقابل، فإن تحالف أحزاب اليمين، الذي يضم الليكود و”يمينا” و”شاس” و”يهدوت هتوراة” والذي يملك 58 مقعدا في البرلمان يصر على أنه لا يمكن أن يشارك إلا في حكومة يشكلها نتنياهو. إلى جانب، ذلك فأن تحالف أحزاب اليمين بقيادة نتنياهو يعي حقيقة عدم تجانس الأحزاب التي تواجهه، ويبدو مطمئنا إلى أن غانز لن يتمكن من تشكيل حكومة.

من ناحية ثانية، فإن نتنياهو يعي طابع التوجهات اليمينية المتطرفة لإجمال الجمهور الصهيوني ويحاول تغذيتها بالرسائل الهادفة إلى نزع الشرعية عن أن أية محاولة لتشكيل حكومة يمكن أن تستند إلى دعم القائمة العربية من الخارج.

من هنا، فإن عدم التمكن من تشكيل حكومة والاضطرار لجولة انتخابات رابعة يعني تمديد ولاية حكومة نتنياهو الانتقالية لعام إضافي تقريبا، وهو ما يمكنها من إمضاء سياسات تهدف إلى توفير البيئة لحسم الانتخابات القادمة عبر تبني سياسات أكثر تطرفا وجنونا، تحديدا على صعيد الحل السياسي.

فحتى عندما يقود نتنياهو حكومة انتقالية، فأن بوسعه ضم مناطق واسعة من الضفة، وعلى رأسها منطقة غور الأردن، التي تشكل حوالي 30% من مساحة الضفة؛ حيث إن جاريد كوشنير، مستشار ترامب وصهره النافذ أعلن أن الأزمة السياسية الداخلية في الكيان الصهيوني لن تحول دون موافقة الولايات المتحدة على أي قرار تتخذه تل أبيب بضم مناطق في الضفة الغربية، عقابا للفلسطينيين على رفضهم العودة للمفاوضات.

وبقاء نتنياهو على رأس حكومة انتقالية يعني تطبيق القرارات التي اتخذها بشأن بناء مشاريع استيطانية ذات أغراض إستراتيجية واضحة؛ مثل مشروع “E1″، الذي يربط القدس الشرقية بمستوطنة “معاليه أدوميم”، الذي سيفضي إنجازه إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وإسدال الستار على فكرة الدولة الفلسطينية ذات الإقليم المتصل. 

ولن يكون من المستبعد أن يواصل الصهاينة في ظل حكومة انتقالية تكريس الأمر الواقع في القدس والمسجد الأقصى عبر محاولة فرض التقاسم الزماني والمكاني.

المفارقة أن سياسات سلطة عباس لا تمثل تحديا يمكن أن تردع الصهاينة عن سلوك هذا المسار؛ حيث أنه في الوقت الذي يهاجم عباس “صفقة القرن” إعلاميا يواصل تعاونه الأمني مع الصهاينة وكان شيئا لم يكن.

دون أن نتحدث عن مصادر التشجيع الذي تتلقاه إسرائيل من حالة التيه التي تعصف بالنظام الرسمي العربي.

اكتب تعليقك على المقال :