اتفاق التوازن التركي الروسي

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : ناصر ناصر

خرجت أطراف الملف السوري راضية ، وإن بطرق وأشكال مختلفة من اتفاق موسكو 5-3 بين الرئيسين اردوغان وبوتين ، والقاضي بوقف اطلاق النار في منطقة إدلب ، وإيجاد ممر آمن بعمق 6 كم شمال وجنوب محور m4 ، وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة ، وهذه في الغالب حالات الاتفاق بين اطراف كبرى ومتكافئة ، فالروس يستطيعون القول بأنهم اوقفوا الاندفاع التركي والاستنزاف للجيش السوري في عملية درع الربيع دون ان تتراجع قوات النظام المدعومة براً وجواً من موسكو وطهران وحزب الله . 

أما النظام السوري فيمكنه القول انه استعاد مناطق جديدة وبسط سيطرته على أجزاء اخرى من سوريا على حساب المعارضة، فماذا يمكن ان يقول الأتراك “وعلى الهامش الفلسطينيون أيضا” عن الاتفاق؟

تابع الفلسطينيون او معظمهم او كثير منهم على الأقل باهتمام بالغ تطورات التصعيد الاخير في ادلب، وقد تكون قلوبهم في وادٍ وعقولهم في وادٍ آخر، ولقد رجحت الاولى كفة المواقف الشعبية ، بينما رجحت الثانية توازنات المواقف الرسمية ،حتى جاء اتفاق موسكو ليوقف هذا التناقض الظاهر ، ويختم التصعيد وان مؤقتا على الاقل بتوازن معين ومعقول ، فالقتال في هذه المنطقة وبين تلك الاطراف قد لا يخدم قضية الفلسطينيين والعرب والمسلمين الاولى ، التي تسعى لحشد كافة طاقات العالم والامة لنصرتها ، فما بالك ان كانت اطراف القتال تدعم وان بدرجات واشكال مختلفة قضية القدس والاقصى . 

استطاعت تركيا في هذا الاتفاق تثبيت مكاسب سياسية واستراتيجية كبيرة جدا ووقف إمكانية خسارتها، فوثيقة موسكو أكدت اتفاقية سوتشي التي تعتبر وعلى نطاق واسع الغطاء السياسي والاقليمي والدولي ، والذي يعطي شرعية هامة للوجود التركي على الأراضي السورية ، وتحديداً في نظر أطراف الملف السوري ، وأهمها روسيا وايران ، وتبقى إشكالية تركيا ومعضلتها في الوظيفة التي أوكلها لها ” اتفاق سوتشي ” وهي مواجهة ما يسمى ” بالقوى الارهابية ” في ادلب . فهل وكيف سيتغير التعامل التركي مع هذه المعضلة في مرحلة ما بعد درع الربيع .

قد تكمن المصلحة التركية في ” استمرار عملية مواجهة القوى الارهابية ” في ادلب ، وبشكل أدق في قبول أطراف الملف السوري بجدية استمرار المواجهة وليس في حسمها على الأقل في المرحلة القريبة القادمة ، وذلك بغض النظر عن قدرة تركيا على حسم هذه القوى عسكرياً واستيعاب النتائج السياسية ، أو رغبتها الصادقة في إنهاء كافة أشكال ومظاهر الارهاب في المنطقة .   

لقد أصبح الارهاب ورقة تستخدمها كافة الاطراف الصديقة والعدوة العادلة والظالمة لمصالحها وأهدافها الخاصة والعامة ، والسؤال التركي يبقى مفتوحاً : ماذا بعد حسم “القوى الارهابية” في ادلب ؟ ومن سيقطف ثمار هذا الحسم؟

طالما لم تكن صورة الإجابة واضحة ، فمن المستبعد ان يتم الحسم -على افتراض القدرة عليه في المرحلة القريبة – والاخطر من ذلك من سيسبق من ؟ اتضاح صورة الجواب على السؤال التركي ، أم اندلاع مواجهة  صعبة اخرى بين تركيا وروسيا ومعها حلفاء النظام السوري ؟  

لا يتعلق الامر بالحكمة والحزم التركي فقط ، انما بنوايا وإرادات الاطراف الاخرى ومنها وعلى رأسها امريكا التي لا تبدو راغبة في استقرار الاوضاع في سوريا كما ظهر جليا في إعاقتها لبيان داعم لاتفاق موسكو في الامم المتحدة امس ، واستعدادها لتزويد تركيا بالذخيرة للقتال لا للباتريوت للردع وكسر التوازنات.

اكتب تعليقك على المقال :