إعلان صفقة القرن.. ماذا بقي للتفاوض ؟!

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : د. رامي عياصرة

مع اعلان ترامب والى جواره نتنياهو امس لما يسمى صفقة القرن تكشفت ما تبقى من ملامح المؤآمرة على قضية الامة وهي القضية الفلسطينية.

استطيع ان اقول أن الخطة الامريكية هي فرض حلول من طرف امريكي يرى بعيون صهيونية فقط وهي شرعنة لما هو قائم على ارض الواقع من احتلال للارض الفلسطينية ومقدسات الامة في القدس، وما على العرب المندلقين على ترامب والكيان سوى الاقرار تحت سطوة الترهيب وبعض الترغيب وفق سياسة العصا والجزرة، وهذا باعتقادي أخطر ما في الموضوع، ان يعترف العرب المطبعين والعالم المنافق باحقية الكيان الغاصب بابتلاع الضفة وغور الأردن والقدس وفوقها شطب حق العودة، والتعامل مع الديمغرافيا الفلسطينية في الضفة والقطاع على انهم عبئ سكاني يوضع تحت ادارة حكم مدني منزوع السلاح وبلا جيش ولا سيادة يمكن ان تسمى ” دولة فلسطينية ” ليس لها اي حضور على الخارطة السياسية الدولية، ولو لم تكن تملك اي مقوم من مقومات الدولة.

ثم بعد ذلك تتم الدعوة للتفاوض بين الفلسطينيين والصهاينة من جديد. ماذا بقي من القضية الفلسطينية للتفاوض عليه؟!!!

المطلوب من الفلسطينيين والعرب ان يعترفوا بكل ما وهبت الصفقة للكيان الصهيوني مقابل دولة موعودة اذا إلتزم الفلسطينيون بنزع سلاح مقاومتهم ونسوا بأن لهم قدس ومقدسات وارض في ال67 يحق لهم العودة إليها علاوة على ارض ال48، واثبتوا حسن السيرة والسلوك بالمنظور الصهيوني والامريكي خلال 4 سنوات.

انها قمة المهزلة فعلا.

لكن السؤال الأهم الذي يحدد ملامح مستقبل القضية الفلسطينية ومصير الخطة الامريكية هو ما الذي اوصلنا الى هذا الدرك الأسفل من العجز وجرأة ترامب واركان ادارته لدرجة انه بات اليوم يطرح ما لم يجرؤ اسلافه على طرحه؟

الجواب باعتقادي يتجسد في الضعف والتزلف والعمالة للنظام الرسمي العربي اللاهث خلف الرضا الأمريكي والصهيوني لضمان الوصول او الاستمرار في مواقع السلطة والحكم ، والذين يفتقرون الى شرعية وجودهم من شعوبهم، الصبيانية السياسية التي ضربت المنطقة العربية وخفة الاوزان للزعامات العربية – على فرض انه ثمة زعامات – رجحت كفة الكيان الصهيوني بمقابلة العالم العربي كاملا.

 ليس امام الفلسطينيين وشرفاء الامة سوى رفض هذه الصفقة ومقاومتها بشتى الطرق، وافساح المجال امام قوى الامة الحية ان تعبر عن ضمير الامة تجاه اقدس قضاياها، من خلال اعادة ترتيب الاولويات العربية في داخل كل دولة عربية وفق ما ينسجم مع تطلعات شعوبها ورغباته، وإلا فان المسافات بين الساسة العرب وشعوبهم ستتسع وتزداد اكثر مما هو عليه اليوم و بما يحمله من مخاطر كثيرة واحتمالات مفتوحة على مستقبل مجهول.

للعبور من هذه المرحلة بسلام وبأقل الأضرار لابد من الانسجام والتقارب مع المواقف الشعبية حقيقة لا تظاهرا، فالمواطن العربي متابع ومراقب ولا يصح استغفاله او تجاهل ذكائه.

الخطة الامريكية ماهي إلا فصل جديد من فصول الصراع العربي- “الإسرائيلي” ، ولكنه فصل حاسم وحاد يضع الجميع امام استحقاقاته ومسؤولياته سواء من جهة السلطة الفلسطينية او المقاومة في غزة او الاردن صاحب الوصاية على القدس والمقدسات او المحيط العربي والعمق الاسلامي.

المتتبع لمجريات الاحداث في العقود الاخيرة يجد ان مع بداية كل عقد ينشأ حدث يأخذ العالم والمنطقة الى مربع جديد، فمع بداية عقد تسعينيات القرن الماضي بدأت عملية السلام في مؤتمر مدريد وتلاها توقيع الاتفاقيات المشؤمة من اوسلوا الى وادي عربة، ومع بداية العقد الاول من القرن الجديد اندلعت انتفاضة الاقصى التي جاءت على وقع محاولة فاشلة لجهة فرض حلول مجحفة وجاهزة على الفلسطينيين، ووقعت هجمات  ايلول سبتمبر وما تلاها مما يسمى بالحرب على الإرهاب وتحت هذه الذريعة تم غزو افغانستان والعراق وأدخلت المنطقة في حالة من الفوضى.

ومع بداية العقد الثاني من القرن بدأ الربيع العربي الذي اسقط انظمة وهز عروش انظمة اخرى وما تلاها من ثوارت مضادة وحالة من عدم الاستقرار.

وفي هذا العقد الجديد بدأ بصفقة القرن والذي باعتقادي سيحمل في طياته الكثير من الارتدادات والنتائج التي لا يستطيع احد التنبؤ بمآلاتها.

اكتب تعليقك على المقال :

أحدث الأخبار