أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله في اتصالاته الداخلية حرصا على تأمين هذه الاتصالات من الاختراق، اختُرِقت وخرقت أجساد حامليها في لبنان وسورية، إثر انفجار شحنة واحدة وُزِّعت على منتمين للحزب هناك وهنالك.
وصلت الرسالة إلى حزب الله سريعا ليطلق تهديدا شديدا للصهاينة على وقع ألم الصفعة التي تلقاها، ولا بد أن يفهم الحزب رسالتين حملتهما متفجرات وضعت في أجهزة البيجر أولاهما رغبة يهود بالتنفيس عن غضبهم من خيبة أملهم من أي نصر في جبهة غزة، والرسالة الثانية رغبتهم في استعراض عضلاتهم في جبهة الشمال بالاستقواء على الدولة اللبنانية المريضة هروبا إلى الأمام من التصاق الهزيمة بهم بعد عام من المحاولات المدمرة للإنسان والعمران باءت بأكبر فشل في تفكيك قدرات حماس أو استدرار تسوّلها للتسوية بأي ثمن.
النتن يحاول بكل حيلة أوتيها أن يطيل أمد الحرب هروبا من لقب المنهزم الأكبر في حروب الصهاينة مع المقاومة، وهروبا من السجن الذي ينتظره حين تتوقف الحرب ليس لاتهامه القديم بالفساد وحسب بل لثبوت توريطه للأمة الصهيونية بأكبر مستنقع يمكن لأحمق أن يقع فيه ويوقع غيره بكل إصرار وعمى واندفاع.
قبل يومين فقط يعرب الرئيس الإيراني عن فهمه لدافع “إسرائيل” إلى قتل الشهيد هنية في طهران وأنها كانت تريد من ذلك دفع إيران إلى حرب شاملة، وأن إيران فهمت مقصدهم وضبطت نفسها ولم تنجرّ لما يريدون، في أول تصريح يعني أن إيران قد لحست تهديداتها بردّ مزلزل على نيل إسرائيل من “شرف” الأمة الإيرانية بقتل ضيفها على أرضها… ترى هل ستكون حادثة “البياجر” على ساحة لبنان وسورية أعظم خطرا من قتل الرجل الأول في حماس؟ وهل علينا دائما أن نتذرع بفهمنا لمقصد عدونا وتفويتنا فرصة “استدراجنا”، ليستمر هروب عدونا إلى الأمام ويستمر عجز المدّعين قتاله عن الإمساك به من أي طرف لتبقى معاناة غزة هي معاناتها، فما لم يُمسَك عدوها من طرف مقابل للطرف الذي في مواجهة غزة لن تتمكن من الخلاص من شره وإن لم يكن قادرا حتى الساعة أن يحقق فيها هدفه، لكن إلى متى ستظل وحيدة في ميدان المواجهة اللصيقة؟!
لا بد من استحضار التاريخ، والعلم بأن جدية المواجهة لا تكون بمجرد الردح، لكن بالمبادرة بالفعل لا بردّ الفعل، والأيام القادمة حبالى وأرجو أن لا يُجهَض الجنين.