كما الأب الذي يرفض أن يصدق أن ابنه قام بارتكاب جريمة بشعة رغم أن كل الدلائل ضده، ترفض واشنطن أن تتخيل أن تقدم ربيبتها على ارتكاب جريمة بشعة!
وكما أن الأب يحاول أن يجد الأعذار لابنه المجرم، كذلك تحاول واشنطن مع ربيبتها!
وكما أن الأب يعلم علم اليقين أن ابنه “هامل” و”سرسري” و”ابن شوارع” ولا يتورع أن يؤذي والدته ووالده، إلا أنه في ذات الوقت يحاول حمايته إذا ما ارتكب جريمة خارج المنزل، وكذلك تفعل واشنطن مع ربيبتها!
وكما أن الأب يلعن ولده ويشتمه ويدعو عليه في مجالسه الخاصة، إلا أن الأمر ينعكس تماما في المجالس العامة، وكذلك أحسب السياسيين في واشنطن مع ربيبتهم!
كما العادة، وكما هو متوقع، فواشنطن تبرئ الكيان الصهيوني من دم الصحفية شيرين أبو عاقلة التي اغتيلت في بث حي ومباشر، والعالم كله يعلم أن الكيان هو من يقف وراء هذه الجريمة البشعة.
سذاجة السلطة الفلسطينية، وبالأحرى رعبها من الأمريكان جعلهم يسلمون الرصاصة الغادرة التي قتلت شيرين للولايات المتحدة لتفحصها، وما كان من الأمريكان إلا أن استقدموا خبراء إسرائيليين لهذه الغاية! والنتيجة أن الرصاصة مدمرة، ولا يمكن أن تشير إلى المصدر الذي أطلقت منه!!
مسرحية هزلية، وإخراج سيئ، لكن واشنطن بذلك قد أبعدت المسؤولية عن جيش الاحتلال، وتهربت من الأخذ بحق صحفية تحمل الجنسية الأمريكية.
تستمر واشنطن رغم بعض التغير الذي بدأ يطرأ على الرأي العام ووسائل الإعلام هناك، في نظرتها للكيان الصهيوني؛ فكل جرائمه البشعة التي ترقى لجرائم حرب، وانتهاكاته لحقوق الإنسان إنما هي دفاع عن النفس وحق من حقوقه!!
تتغاضى واشنطن عن جرائم ربيبتها، فلا ترى آلاف الضحايا وآلاف المنازل المهدمة، بل لا ترى الجرائم التي يرتكبها الكيان في بث حي ومباشر فيسقط أبراجا سكنية ضخمة في صلف وعنجهية لا يرى مثلها في أي مكان في العالم. ويا ليت “سيد العالم الحر” يتغاضى فقط، بل إنه يتمادى ويبرر كل الجرائم: “دفاع عن النفس” ليعطي المجرم مزيدا من الدافعية للاستمرار في جرائمه!!
لا تهم جنسية الضحايا هنا، حتى لو كانوا يحملون جنسية العم سام، أو كانوا من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء (راشيل كوري 23 عاماً التي دفنتها جرافة صهيونية في عام 2003)، فكلهم بالحساب الأمريكي لا وزن لهم مقابل إزعاج الكيان المدلل.
ازداوجية المعايير لدى الولايات المتحدة جريمة بحد ذاتها.