الجميع يعلم أن هناك زعران وبلطجية يمارسون ترهيب المواطنين ويفرضون الأتاوات خصوصا في المدن الكبرى. ولم نكن بحاجة إلى جريمة بشعة تهز ضمير المجتمع كله لتتحرك الدولة وأجهزتها المعنية لتسليط الضوء على هذا الملف.
ومع ذلك فإن علينا دعم التحرك الحكومي والأمني العاجل لمحاصرة تلك الظاهرة.
علينا دعم قرار مدير الأمن العام “بتشكيل فرق أمنية مشتركة من الأمن العام وقوات الدرك للتعامل والبحث ومداهمة وإلقاء القبض على كافة الأشخاص المطلوبين والمشبوهين ومكرري قضايا فرض الأتاوات والبلطجة وترويع المواطنين”.
علينا الاستجابة لطلب مدير الأمن العام بعدم التردد بتقديم الشكاوى والمعلومات عن مثل أولئك الأشخاص “ودون خوف أو تردد لأنه سيتم التعامل مع كل ما يرد بسرية وبحزم، كما سيتم التنسيق مع الجهات القضائية والحكام الإداريين لضمان نيلهم عقوباتهم الرادعة والكفيلة بحماية المجتمع من شرورهم”.
حسنًا تفعل مديرية الأمن العام بمحاولة إلقاء القبض على تلك الفئة المنحرفة، ولكن ماذا بعد تجميعهم؟!! هل القانون النافذ حاليا يسمح باحتجازهم لفترات طويلة؟!! ثم ماذا سنفعل معهم خلال الحجز؟!! أم أننا سنزيد حقدهم على الدولة وعلى المجتمع؟!! ما هي البرامج الإصلاحية التي سيتعرضون لها، وهل ستكون ناجعة؟!!
هل تعلمون ما هي الصفة التي تطلق على تلك الفئة؟ إنهم أصحاب سوابق. هل تعلمون ما معنى صاحب سوابق؟ هو شخص قام بفعل جنحة أو جناية وحوكم عليها ونفذ فيه الحكم. بمعنى أن كل أولئك الزعران والبلطجية الذين سيلقى القبض عليهم قد مروا بالسجون وأماكن الاحتجاز، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أنه أصبح لدينا تنافس في عدد القيود الأمنية والأسبقيات، وأن شخصا يمكن أن يكون عليه أكثر من 150 قيدًا، أي أنه قام بأكثر من 100 جنحة أو جناية، ويكفي أن نعلم أن منفذ جريمة الزرقاء البشعة عليه 172 قيدا.
الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة هذه الظاهرة، فلا بد من تضافر كافة الجهود الحكومية والمجتمعية لمحاولة إصلاح هذه الفئة، وقبل كل شيء لا بد من دراسة علمية لمعرفة أسباب الانحراف ومحاولة معالجتها.