أعلام روسية ترفرف فوق القواعد الأمريكية

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
كتب : حازم عياد

في مقابلة لجون كيري وزير الخارجية الامريكي السابق مع الاعلامية كريستيان امانبور لـCNN قال: «الضرر وقع في اللحظة التي غرد ترمب بها بأنه سيسحب قواته من سوريا»؛ اما عن طبيعة الضرر الذي اوقعه ترمب قال كيري: «الآن نرى أعلاما روسية ترفرف فوق القواعد الأمريكية، هذا يخبرك بحجم الضرر الذي حدث، وفي الحقيقة نقل على لسان الرئيس العراقي أن الناس عبر المنطقة بأكملها الآن يتساءلون عن قوة الولايات المتحدة الأمريكية وما إن كان التحالف معهم يمثل أي شيء».
كيري استمر في عرض الخسائر التي لحقت بالسياسة الخارجية والنفوذ الامريكي بالقول: «خسر المزايا التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية لمحاولة حل مسألة سوريا مع روسيا وآخرين»؛ لا يعد هذا الانخراط الوحيد لكيري في الشأن السياسي الخارجي اذ نسب الى جون كيري لقاءه مسؤولا فلسطينيا رفيع المستوى في لندن عشية تولي ترمب مهامه الرئاسية شجعه على عدم الخضوع او القبول بالحلول التي يقدمها ترمب وعلى رأسها صفقة القرن مشترطا اقتصار الهجوم الدبلوماسي والاعلامي على ترمب دون التعريض بالولايات المتحدة الامريكية.
لقاء لندن الافتراضي الذي فسر من خلاله بعض المراقبين اتساع مساحة المناورة للرافضين صفقة القرن وسياسة ترمب تجاه الملف الفلسطيني مستفيدين من الانقسام الداخلي في امريكا؛ بل من اتساع الفجوة بين ادارة ترمب ودول اوروبا الغربية؛ قدم صورة اولية عن طبيعة الصراع القائم داخل المؤسسات الامريكية التي اعقبت توقيع ترمب عدداً من القرارات التنفيذية التي
مست المهاجرين.
جون كيري ليس الوحيد الذين اعترض على سياسة ترمب الخارجية وتحرك في المنطقة بمعزل عن ترمب وادارته؛ اذ سبقه الى ذلك السيناتور الجمهوري الراحل  جون ماكين الذي اوصى بأن لا يحضر ترمب جنازته؛ فالكثير من الساسة المخضرمين في امريكا يعارضون سياسة ترمب وطاقم ادارته المتعثر؛ لمخالفته الاعراف والتقاليد السياسية وخروجه عن محددات وثوابت المؤسسات البيروقراطية وعلى رأسها وزارة الخارجية؛ والاهم تجاوزه في كثير من الاحيان للاعراف المتعلقة بتوزيع الادوار بين الكونغرس والبيت الابيض في ادارة بعض الملفات الحساسة وعلى رأسها الملف الفلسطيني ومن ضمنها نقل السفارة الامريكية الى القدس احد ابرز هذه الاختلالات.
في كل الاحوال باتت عملية شرح السياسة الامريكية رغم وضوح ترمب وبساطة ادائه السياسي غاية في التعقيد والغموض؛ فترمب هز هيكل وبنية السياسة الخارجية الامريكية وامتد تأثير سياساته الى اعماق النظام السياسي الامريكي ووزراة الخارجية الامريكية لا تعد
استثناء من ذلك.
خلاصة ما توصل اليه الديموقراطيين وعدد متزايد من الجمهوريين ان سياسة دونالد ترمب قوضت السياسة الخارجية الامريكية وافقدت الحلفاء الثقة فيها؛ وهو ما استدعى تحرك قادة ومدراء الاجهزة السيادية الامريكية بنشاط في المنطقة فوزير الدفاع المعين مارك اسبر زار كلاً من العراق والخليج العربي ليتبع الزيارة استعراض للقوة غير مسبوق اذ حطت طائرة (B1B) في قاعد الامير سلطان السعودية في حين حط سرب من طائرات اف16 في قاعدة الظفرة الاماراتية ليتزامن التحرك مع توجه وحدات امريكي نحو حقول النفط السورية منعا من سيطرة النظام والقوات الروسية على الحقول.
لم يقتصر النشاط الامريكي على زيارة احد البيروقراطيين المخضرمين في البنتاغون وزير الدفاع اسبر الى المنطقة؛ اذ ترافق مع ادخال شحنة من المساعدات والمعدات العسكرية من كردستان العراق الى الحسكة وحقول النفط السورية في محاولة لإقناع روسيا بضرورة ادارة الآبار من قبل هيئات محلية مشتركه تشرف عليها قسد وقوات النظام بعيدا عن المليشيا الايرانية فالبنتاغون مستاء من امكانية سيطرة الروس والايرانيين والنظام على حقول النفط؛ تحرك يؤكد ان ما قاله جون كيري لا يقتصر على منافس ديموقراطي لرئيس جمهوري.
تحركات البنتاغون وتصريحات جون كيري تقرب خطوط التماس وترفع من مستوى التوتر بين القوات الامريكية والروسية؛ فروسيا من ناحيتها اطلقت حملة اعلامية نشرت خلالها وزارة الدفاع الروسية صورا فضائية لصهاريج تنقل النفط من حقول النفط السورية متهمة الولايات المتحدة الامريكية بتهريب النفط بعائدات تقدر بـ30 مليون دولار؛ اتهامات على الارجح خطيرة تمس مصداقية ونزاهة المؤسسة العسكرية الامريكية وفي نفس الوقت ترفع من سخونة نقاط التماس بين روسيا وامريكا فإمكانية الوصول الى تفاهمات روسية امريكية في سوريا باتت ابعد قليلا عما كانت 
عليه في وقت سابق.

اكتب تعليقك على المقال :