يُعد الدكتور “ويليام فويج” عالم الأوبئة، ورائد الصحة العالمية، والمدير السابق لمركز مكافحة الأمراض والوقاية، والرقم الأسطوري الذي كتب في مجال الصحة العامة، والذي ساعد على ابتكار الإستراتيجية التي قلصت الجدري في غرب ووسط أفريقيا في أواخر 1960، والذي قاد مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في عهد الرئيسين جيمي كارتر ورونالد ريغان. وهو حاصل على وسام الحرية الرئاسي في عام 2012.
وكان الدكتور”فويج” قد بعث برسالة إلكترونية إلى الدكتور”روبرت ريدفيلد” مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC في 23 سبتمبر (وهي المؤسَّسة الفيدرالية الأمريكيَّة الرائدة في مجال الصحة العامَّة، وتخضع لإشراف وزارة الصحة)، وقد تم الكشف عن الرسالة عن الرسالة من قبل مجلة (USA Today)، وهي الرسالة التي يجب أن يقرأها كل المعنيين باستجابة الرئيس ترامب المروعة لوباء الفيروس التاجي، ولتسييسه للقضايا المتعلقة بالصحة العامة.
فقد كتب “الدكتور فويجي” أنه ليس متأكدًا مما كان سيفعله لو كان في مكان الدكتور ريدفيلد، ولكن أول ما يمكن أن يقوم به هو ” مواجهة الحقيقة”. وذلك على الرغم من دوامة البيت الأبيض، كما أن عدم مواجهة الأمر بالشكل الصحيح “يُعتبر فشلًا هائلاً لنظام الصحة العامة في هذا البلد، وأن هذا التحدي الأكبر الذي تم فيه خذلان البلد منذ قرن من الزمان “.
وذكر د. “فويجي” أن ما سيسجله تاريخ الصحة العامة في المستقبل عن التعامل مع هذا الوباء “سيتم تثبيته كإشارة لنتيجة سوء التعامل مع جائحة الأمراض المعدية”.
وقال إن السبب يعود إلى “عدم كفاءة البيت الأبيض، وعدم منطقيته”.
وقال فويجي إن “عدم تكليف مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية لتولي مسؤولية الاستجابة للوباء ينتهك كل درس تم تعلمه في السنوات الـ 75 الماضية؛ حيث إن ذلك المركز الذي كان يمثل المعيار الذهبي للصحة العامة في العالم”.
كما تم تجاهل الحاجة إلى اعتماد “خطة فيدرالية متماسكة، وهي التي كانت في العادة تمثل العمود الفقري لكل استجابة سابقة”؛ حيث إنه قد تم ترك أمر التعامل مع الوباء للولايات المختلفة التي غالبًا ما كانت تتنافس فيما بينها.
وذكر أنه قد تم تجاهل “الحاجة المطلقة إلى تشكيل التحالفات وتوجيهها”؛ لذا فقد تبددت فائدة التعاون العالمي.
وأشار الدكتور فويج إلى الدرس من ذلك أن “أفضل القرارات يجب أن تبنى على العلوم، بينما يجب أن تبنى أفضل نتائج على الإدارة الممتازة”.
في هذه الحالة ، فقد أعرب عن أسفه حيث قال: “لقد رفض البيت الأبيض العلم والإدارة الرشيدة”.
وقال إنه اعتقد في البداية بأن مسؤولي البيت الأبيض “سيكتشفون وسيرون مدى الكارثة الناجمة عن نهجهم، وأنهم سيقومون بتحويل المهمة في النهاية إلى المحترفين. وإنني الآن أعلم بأن هذا الأمر لن يحدث”.
وقد أعرب عن أسفه للكيفية التي “تلاعب بها البيت الأبيض بالسمعة المميزة للوكالة”؛ من خلال تخفيف تحذيراته من مخاطر الفيروس.
ويعتقد العديد من موظفي (CDC) الحاليين والسابقين أن الدكتور “ريدفيلد” قد استسلم لأوامر البيت الأبيض “من دون أية مقاومة كافية”.
وقد حث الدكتور ريدفيلد على الاعتراف والاعتذار في رسالة، وإعلان نيته قيادة الوكالة بدون تدخل.
وقال “إنه ليس علينا أن نخجل من الحقيقة، وإن أعداد الإصابات هذه أصبحت عبئًا غير مقبول على بلادنا”، “إن هذه الحصيلة تعتبر مذبحة وليست مجرد نزاع سياسي”.
وقد ناشد الدكتور فويج ضمير الدكتور ريدفيلد، قائلاً إن “عليه من حيث المبدأ أن يستقيل إن لزم الأمر، ولا ينبغي له أن يترك المجال حتى يُذكر أنه “قد تخلى عن دوره كخادم للجمهور من أجل أن يصبح خادمًا لرئيس فاسد”.
وخلص إلى أنه سواء أخذ الدكتور ريدفيلد بهذه النصيحة أم لا، فمن المؤكد أنه قد فات عليه وقت طويل ليقوم برفض ضغط البيت الأبيض على مراكز السيطرة على الأمراض، ولتبنّي أولوية الاعتماد على العلم والخبرة في إدارة الصحة العامة.