اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، أن إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، “صفقة القرن” بحضور عربي، (بالإشارة إلى مشاركة الإمارات والبحرين وسلطنة عُمان)، محطة أمريكية جديدة من محطات التآمر لشطب الوجود الفلسطيني.
وقال أبو مرزوق في حوار خص به “الخليج أونلاين”: “حتماً ستتغير الموازين ويعود الحق إلى أصحابه، وسيندم إخواننا العرب على مواقفهم بحقنا، وسيتوقف التاريخ أمام هذه المواقف”، متسائلاً: “هل هذا ما يريدون أن يورثوه لأبنائهم؟!”.
وأضاف: “ما تم، هدفه النيل من القضية الفلسطينية وبشهود عرب، وهو ما لم يحدث من قبل، ولكن من الخطأ الكبير أن نحوّل الصراع والخلاف بيننا كعرب”.
ولفت إلى أن حركته ستطالب الدول العربية بإعلان رفضها الصريح والواضح لهذه الصفقة المشؤومة التي تهدف إلى تصفية القضية، إضافة إلى مطالبة الدول العربية التي رحّبت بالخطوة الأمريكية بأن تعيد تفكيرها، وأن تعكس حقيقة نبض شعوبها ونخبها الرافضة لهذه السياسات.
وتابع: “سنطالب تلك الدول بأن تكون عوناً لنا في مشوارنا النضالي، ونحن كفلسطينيين خط للدفاع الأول عنهم، ولا نقبل بأن يفرّط أي طرف، لا فلسطيني ولا عربي، في حقوقنا المشروعة”.
وكشف الرئيس الأمريكي، الثلاثاء (28 يناير 2020)، عن خطته لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وسط ترحيب إسرائيلي كبير بها، ورفض فلسطيني على مختلف المستويات، في حين شهدت مراسم إعلان الخطة حضور سفراء 3 دول خليجية؛ هي الإمارات والبحرين وسلطنة عُمان.
وتتضمن الخطة إقامة دولة فلسطينية “متصلة” في صورة “أرخبيل” تربط ما بينه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها “في أجزاء من القدس الشرقية”، مع جعل مدينة القدس المحتلة غير المقسمة أو المجزأة عاصمة موحدة لـ”إسرائيل”.
كما تنص “صفقة القرن” على تجريد قطاع غزة من السلاح، في إشارة إلى سلاح المقاومة لدى “كتائب القسام” و”سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بـ”يهودية إسرائيل”، وهو ما يعني ضمنياً شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجِّروا منها عام 1948.
وعن ادعاء أن الرفض الفلسطيني الدائم هو ما أوصل الفلسطينيين إلى هذه النتيجة، ردَّ أبو مرزوق: “هذا قولٌ خاطئ، ولكنَّ ضعفنا وتفرُّقنا وتمزُّقنا واجتهاداتنا الخاطئة هي التي أوصلتنا إلى هذه النتيجة، وإننا لا يمكن أن نوافق على شطب حقوق شعبنا في أرضه ومقدساته”.
وكان وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، أعاد نشر مقال بعنوان “في كل مرة يقول الفلسطينيون لا؛ يخسرون”، قاصداً بذلك أن الفلسطينيين دائماً يرفضون أي حلول.
وعن حديث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن نيته زيارة قطاع غزة، للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، أشار أبو مرزوق إلى أن حركته رحبت بهذا اللقاء.
وبيَّن أن وفداً قيادياً من حركة “فتح” سيأتي إلى قطاع غزة؛ لفتح حوار مع حركة “حماس”، والحركة بدورها ستذلل الصعوبات لأجل أي لقاء فلسطيني-فلسطيني.
وعبَّر عن أمله أن تنتج عن هذه اللقاءات خطوات حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني ومواجهة خطط التصفية، داعياً عباس إلى التنصل من جميع الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً اتفاق أوسلو وملحقاته الأمنية والاقتصادية.
واستدرك بالقول: “نطالب عباس بوقف أشكال التعاون الأمني كافة مع العدو الإسرائيلي، وأن يبادر إلى عقد لقاء وطني للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية تنبثق عنه رؤية وطنية واستراتيجية عمل واضحة، مع خطوات تعزز موقف مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصفقة القرن”.
واعتبر أن “صفقة القرن” ما هي إلا “تدمير للقضية الوطنية الفلسطينية، وإفشالها لا يمكن أن يكون بالمفاوضات، ولا بالاستمرار في التنسيق الأمني تحت عنوان محاربة الإرهاب، أي مواجهة منسقة مع إسرائيل لمواجهة قوى المقاومة”.
ووضع عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” عدداً من المقترحات لمواجهة الصفقة، أولها إنهاء مسار التسوية السياسية تحت الرعاية الأمريكية، ووحدة وطنية، وبرنامج مشترك تتم فيه مقاومة الاحتلال لا مساومته.
وأردف بالقول: “لا يوجد في التاريخ انتصار على الاستعمار من دون وحدة وطنية، وبرنامج وطني على طريق طرد الاحتلال والانتصار، فلننتصر على ذواتنا كي تنتصر قضيتنا”.
وعن حديث ترامب عن جعل عاصمة فلسطين أحياء صغيرة شرقي القدس، ردَّ أبو مرزوق بالقول: “ثوابت القضية الفلسطينية ليست موضع استمزاج للآراء، وهي مسألة غير قابلة للنقاش، وفي القلب من هذه الثوابت القدس عاصمة الدولة الفلسطينية”.
كما اعتبر أن الاقتراح الأمريكي لا يساوي الحبر الذي كُتب به، وهو “نكته سمجة تعكس حجم الانحياز الأمريكي إلى العدو الإسرائيلي”.
وأضاف: إن “أكثر ما تحتاجه قوى الاحتلال؛ هو حوار مع المحتلين حتى يعترفوا بالأمر الواقع أي بالهزيمة، ولهذا لا سبيل أمام المظلومين إلا المقاومة، ولا يوجد عربي أو مسلم يستطيع أن يفرط في القدس، ولعنة القدس لحِقت بكل من تهاون عنها لحظة، فاقرؤوا التاريخ”.
وبخصوص علاقة “حماس” مع الأردن، أشار إلى أن حركته منفتحة في علاقاتها مع جميع الهيئات والدول باستثناء الاحتلال الإسرائيلي، “ولكن في الحقيقة لا يوجد أي تطور بالعلاقة مع النظام الأردني”.
وأكمل: “للأشقاء في الأردن مكانة خاصة؛ للتاريخ المشترك، وللجوار الجغرافي، ولانصهار النسيجين الفلسطيني والأردني اجتماعياً واقتصادياً، ونحن شعب واحد له قضية واحدة هي فلسطين، وما نرجوه أن تكون علاقاتنا على المستوى الرسمي كالمستوى الشعبي”.